للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحريف أو لثغة. وإن وردت مفردات على غير هذه الأوجه المذكورة.

ومن الغريب أن السلف من بعد أن وضعوا هذا الحرف في الزمن القديم عادوا إلى اليونانية فعربوا المذكورة بصورة قنقن وخصوها بما يقابلها عند الإفرنج وأطلقوا القنقن أيضاً على ما سماه اليونانيون وكذلك نقلوا عن اليونانيين (القنقل) المار ذكره وهو مكيال يسميه

الرومان

ونقل اليونانيون لفظتنا (القنع) بصورة أخرى وهي وهي عندهم الصدفة المستديرة العطفات إلى الداخل فنقلها عنهم الرومان بصورة بمعنى الحلزون. واشتقوا منها في لسانهم الملعقة فسموها لأنهم كانوا يستخرجون بطرفها الواحد الحلزون الذي كانوا مولعين بأكله.

فقد رأيت من هذا البسط أن السلف سموا الشبور بالقنع لأنه على شكله والقنع هو الحلزون. ولم يكتفوا بالقبع والقثع المصحفين عنه. بل زادوه تصحيفا ثالثا وهو (المنع) فكأنهم قرءوا القاف المهملة ميما وابقوا النون على حالها وأرادوا به السرطان لا الحلزون والمنعي بزيادة ياء النسبة أكال السرطانات. فالظاهر أن السلف في الجاهلية كان مولعا بأكلها على حد ما يفعل الرومان واليونان وأبناء الغرب في عهدنا هذا. ومن الغريب أن اللغويين ذكروا المنع والمنعي بمعنييهما ولم يذكروا معدنيهما واصليهما والسلف كثيرا ما يصحف الألفاظ ليعلق بها معاني جديدة وكان يتصرف مثل هذا التصرف في المفردات الدخيلة المعربة.

ومن العجب أن عوام سورية جهلوا أن اللاتينية عربية النجار فعربوها عنها وقالوا (قوقعة) في حين أنهم كانوا في مندوحة عنها بقولهم (قنعة) مفرد القنع وإن لم تسمع، لوجود القاعدة أن الشبيه بالجمع يفرد بالهاء. وكان عوام آخرون عربوها بصورة (قوقن) على ما رواه المستعيني وجاءت (كوكن) أيضاً. وكلها تنظر إلى الأصل العربي المصحف.

وما أضحكنا إلا قول أحد الفضلاء المتشدقين وهو: (إذا أردتم أن تحطموا قوقعاتكم وتتخلصوا من أنواع الضيق المسيطرة على نفوسكم. فاخرجوا. . . أفلا قال كما قال السلف الفصيح: إذا أردتم أن تتخلصوا من قائبتكم أو قنعتكم. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>