للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلفت الفروع. وتضادت الأحكام. وقد جمعت فيه الدعوى مع جميع العلل. وليس يكون الكتاب تاماً، ولحاجة الناس إليه جامعاً، حتى يجنح لكل قول، بما لا يصاب (يعاب) عنده صاحبه،

ولا يبلغه (ينقصه) أهله (أمله)، وحتى لا يرضى بكشف قناع الباطل، دون تجريده، ولا بتوهينه، دون أبطاله وقد قال رسول رب العالمين، وخاتم النبيين، محمد صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. فحث على الهدية، وان كان كراعاً و (أو) شيئاً يسيراً. وإذا دعا إلى اليسير الحقير، فهو إلى الثمين الخطير أدعا (ادعى) وبه أرضى. ولا اعلم شيئاً ادعى إلى التجارب، وأوجب في التهادي، وأعلا (أعلى) منزلة، واشرف مرتبة، من العلم الذي جعل الله العمل له تبعاً والجنة له ثواباً.

ولا عذر لمن كتب كتاباً، وقد غاب عنه خصمه، وقد تكفل بالأخبار (بالأخبار) عنه، في ترك الحيطة له، والقيام بكل ما احتمله قوله، كما انه لا عذر له في التقصير عن فساد كل قول خالف عليه، وضاد مذهبه عند من قرأ كتابه، وتفهم إدخاله. لان اقل ما يريد (يؤيد) عذره. ويزيح علته، أن قول خصمه قد استهدف لخصمه (لخصمه) واصجر (واصحر) للسانه، ومكنه من نفسه، وسلطة على إظهار عورته. فإذا استراح واضع الكتاب من شغب خصمه، ومداراة جليسه، فلم يبق إلا أن يقوي على كثير (كسر) الباطل، أو يعجز عنه. وعن شكر المعرفة، بمغاوي الناس، ومراشدهم، ومضاربهم، ومنافعهم أن يحتمل ثقل مئونتهم في تعريفهم، وان يتوخى ارشادهم، وان جهلوا فضل ما يسدي إليهم. ولم يصن العلم بمثل بذله، ولم يستبق بمثل نشره. على أن قراءة الكتب، ابلغ في إرشادهم من تلاقيهم، إذا كان مع التلاقي يكثر التظالم، وتفرط النصرة، وتشتد الحمية، وعند المواجهة تفرط حب الغلبة وشهوة المباهاة، والرياسة مع الاستحياء من الرجوع والآنفة من الخضوع وعند جمع ذلك يحدث (تحدث) الضغائن، ويظهر التباين. وإذا كانت القلوب على هذه الصفة، وهذه الحيلة (الحالة)، امتنعت من الغرقة (المعرفة) وعميت عن الدلالة. وليست في الكتب علة، يمتنع (تمنع) من درك البغية، وإصابة الحجة (المحجة). لان المتوحد بقراءتها، والمتفرد يفهم معانيها، لا يباهي نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>