للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسماً رفيعاً ومالاً طائلاً من الحلوان الذي يتقاضاه ولا يهمه البتة شيء آخر

وبعد أن يتم الوفاق بين أهل الفتى والفتاة تعلن الخطبة على رؤوس الأشهاد وتختلف البائنة (الدوطة) بحسب تفاوت الدرجات فلا يكون مهر ابنة الغني كمهر ابنة التاجر أو الصانع بل تختلف اختلافاً عظيماً فالفقراء منهم يدفعون غالباً من عشر ليرات إلى ثلاثين ليرة وأما المتوسطون فمن خمسين ليرة إلى ثلاثمائة وأما التجار والأغنياء فمن خمسمائة إلى ألف أو ألفين وأكبر صداق دفع في حاضرتنا هو سبعة آلاف ليرة عثمانية أي ١. ٦٨٠. ٠٠٠ فرنك دفعته السيدة (ن) كريمة المثري الشهير منشي مثلون إلى الخواجا اخضوري بن شماش.

والشيء الذي لا بد من ذكره هو أن الفقراء الذين لا يملكون شروى نقير يكرهون نساءهم على أن يجلسن في باحة الكنيس وأروقة المجامع وقوارع الطرق وفارق الشوارع ليستعطين من المارين وليجمعن بائنة لبناتهن ولا تسأل عن صورة جمعها فإنها تجمع بطرق تشمئز منها النفوس الأبية فتقعد الأم وعيناها شاخصتان إلى المارة وهي تستعطفهم وتوجه أنظارهم إلى ذلها ومسكنتها وفقرها المدقع وبعض الوالدات يذهبن إلى رئيس الحاخامين ليكتب لهن رسالة وصاة يحملنها إلى سراة القوم ووجوه الأمة ليمدوا إليهن يد المساعدة. فبهذه الصورة وبغيرها تجمع الدراهم المطلوبة وتقدم إلى الشاب كلقمة سائغة وطعام مريء هنيء. فإذا اعترض أحد عقلاء الأمة على هذا العمل المخالف للشهامة وعزة النفس يجاب حالاً أنه لا يجوز شرعاً في الدين اليهودي أن تطلق الفتاة من دار والديها صفر اليدين ويستشهدون إدعاماً لرأيهم بما ورد في سفر التثنية ١٥: ١٢ من أن العبد إذا خدم سيده ست سنوات ففي السنة السابعة يعتق ويطلق سراحه مزوداً بالمال فكيف لا تزود الفتيات اللاتي قد خدمن والديهن منذ صغرهن. ولقد فات المعترض أن ذلك يعمل إذا كان الإنسان ذا سعة ولا واجب عليه إذا ضاقت حاله بحيث يضطر إلى أن ينتهك مبدأ التعاون والتعاضد الحقيقي. ويخيل إلينا إن منشأ هذا الإكراه هو الاعتقاد الجازم بصحة الزواج الباكر فالفتاة إذا تجاوزت الثامنة عشرة أو العشرين باتت منبوذة كإحدى الثيبات لا يمد أحد إليها يداً. أما الآن فقد تغيرت الحال قليلاً بواسطة المدارس والمكاتب فأصبح الشاب المتهذب لا يرضى شريكة لحياته إلا التي تكون كاملة السن حائزة صفات الأمومة ملمة بأغلب

<<  <  ج: ص:  >  >>