(ولكن قلباً شاب في الجاهلية الجهلاء؛ ورتع في الدماء والاشلاء، واستهتر في اللهو والصهباء، لا يقبل على الدين بإخلاص وصدق فارتد بعد إسلامه، ثم رجع إلى الحق وجاهد في الله حق جهاده). ونحن لا نرى لهذا التعليل وجاهة لان كثيراً من أصحاب الرسول الصالحين كانوا قد شابوا في الجاهلية الجهلاء، واستهتروا باللهو والصهباء، وألفوا الدماء والاشلاء، أفلم يقبلوا على الإسلام بإخلاص ولا بصدق؟ فالزيات نفسه قال عنه:(لقي النبي - ص - لدى منصرفه من تبوك سنة تسع من الهجرة فاسلم هو وقومه) فهو قد دخل في الإسلام مختاراً لا مضطراً، ويظهر لنا انه كان في وفد مذحج على النبي - ص - وكان سيد الوفد ظبيان بن حداد في سراة بني مذحج ولم يرتد هو وحده حتى يصح في حاله ذلك التأويل وإنما ارتدت مذحج وهو فرد منها. وذلك أن رسول الله - ص - أمر على مذحج فروة بن مسيك المرادي فأساء السير ونابذ عمراً هذا ففارقه في كثير من قبائل مذحج، فاستجاش فروة رسول الله - ص - وعليه وعليهم، فأرسل خالد بن سعيد بن العاص وخالد بن الوليد بعده في سرية وفي سرية ثانية وعلي بن أبي طالب - ع - في سرية ثالثة وكتب إليهم:(كل
واحد منكم أمير من معه فإذا اجتمعتم فعلي أمير الكل) فاجمعوا بموضع من أرض اليمن يقال له (كسر) فاقتتلوا هناك وصمد عمرو بن معد يكرب لعلي - ع - وكان يظن انه لا يثبت له أحد من شجعان العرب فثبت له علي - ع - وعلا عليه ورأى عمرو منه ما لم يكن يحتسبه فأقلت من يده بجريعة الذقن وفر هارباً ناجياً بنفسه بعد أن كاد علي يقتله وفر معه رؤساء مذحج وفرسانهم وغنم المسلمون أموالهم وسبيت ذلك اليوم ريحانة بنت معد يكرب أخت عمرو فأدى خالد بن سعيد بن العاص فداءها من ماله.