للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الله. ولذلك قال للعباس حيث طلب ولاية الصدقات قال لا أوليك غسالات خطايا الناس وأوزارهم، بل أوليك سقاية الحاج والإنفاق على زوار الله. ولذا كان رباه أول ربا وضع. ودم ربيعة بن حارث أول دم أهدر، لأنهما القدوة في النفس والمال. ولهذا قال علي عليه السلام على منبر الجماعة: (نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد)

وصدق صلوات الله عليه كيف يقاس بقوم منهم رسول الله، والأطيبان علي وفاطمة، والسبطان الحسن والحسين، والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين، جعفر وسيد الوادي عبد المطلب، وساقي الحجيج العباس وحليم البطحاء والنجدة والخير فيهم والأنصار أنصارهم والمهاجر من هاجر إليهم ومعهم. والصديق من صدقهم، والفاروق من فرق بين الحق والباطل فيهم، والحواري حواريهم وذو الشهادتين لأنه شهد لهم ولا خير إلا فيهم، ولهم، ومنهم، ومعهم، وقال عليه السلام، فيما أبان به أهل بيته: إني تارك فيكم الخليفتين: أحدهما اكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض. وعترتي أهل بيتي نبأني اللطيف الخبير، انهما لن يفترقا، حتى يردا علي الحوض، ولو كانوا كغيرهم، لما قال عمر حين طلب مصاهرة علي: أن سمعت رسول الله (ص) يقول كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي.

واعلم أن الرجل قد يتنازع في تفضيل ماء دجلة على ماء الفرات، فان لم يحتفظ، وجد في قلبه على شارب ماء دجلة رقة لم يكن يجدها، ووجد في قلبه غلظة على شارب ماء الفرات، لم يكن يجدها فالحمد لله الذي جعلنا لا نفرق بين أبناء نبينا ورسلنا نحكم لجميع المرسلين بالتصديق، ولجميع السلف بالولاية. ونخص بني هاشم بالمحبة ونعطي كل امرئ قسطه من المنزلة.

فأما علي ين أبي طالب عليه السلام، فلو أفردنا لأيامه الشريفة ومقاماته الكريمة، ومناقبه السنية، كلاماً، لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال. العرق صحيح، والمنشأ كريم، والشأن عظيم، والعلم جسيم كثير، والبيان عجيب، واللسان خطيب، والصدر رحيب، فأخلاقه وفق أعراقه، وحديثه يشهد لقديمه، وليس في وصف مثله، إلا ذكر جمل قدره دون استقصاء جميع حقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>