للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان كتابنا لا يحتمل تفسير جميع أمره، ففي هذه الجملة بلاغ لمن أراد معرفة فضله. وأما الحسن والحسين عليهما السلام، فمثلهما مثل الشمس والقمر، فمن أعطى ما في الشمس والقمر من المنافع العامة، والنعم الشاملة التامة؟ ولو لم يكونا لبني علي من فاطمة عليها السلام، ورفعت من وهمك كل رواية وكل سبب توجيه القرابة، لكنت لا تقرن بهما أحداً من جلة أولاد المهاجرين والصحابة، إلا أراك فيهما الإنصاف من تصديق قول النبي (ص)

انهما سيدا شباب أهل الجنة، وجميع من هما ساوته سادة. والجنة لا تدخل إلا بالصدق والصبر، وإلا بالحلم والعلم، وإلا بالطهارة والزهد، وإلا بالعبادة، والطاعة الكثيرة، والأعمال الشريفة، والاجتهاد، والأثرة، والإخلاص في النية.

فدل على أن حظهما في الأعمال المرضية، والمذاهب الزكية فوق كل حظ.

وأما محمد بن الحنيفة، فقد اقر الصادر والوارد، والحاضر والبادي انه كان واحد دهره ورجل عصره، وكان أتم الناس تماماً وكمالا.

وأما علي بن الحسين عليه السلام. فالناس على اختلاف مذاهبهم، مجمعون عليه لا يمتري أحد في تدبيره، ولا يشك أحد في تقديمه. وكان أهل الحجاز يقولون: لم نر ثلثة في دهر، يرجعون إلى أب قريب كلهم يسمى علياً، وكلهم يصلح للخلافة، لتكامل خصال الخير فيهم، يعنون علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، وعلي بن عبد الله بن جعفر، وعلي بن عبد الله بن العباس رضي اله عنهم، ولو عزونا بكتابنا هذا ترتيبهم، لذكرنا رجال أولاد علي لصلبه، وولد الحسين وعلي بن الحسين، ومحمد بن عبد الله بن جعفر، ومحمد بن علي عبد الله بن العباس. إلا أنا ذكرنا جملة من القول فيهم، فاقتصرنا من الكثير على القليل.

فأما النجدة، فقد علم أصحاب الأخبار، وحمال الآثار، انهم لم يسمعوا بمثل نجدة علي بن أبي طالب عليه السلام وحمزة رضي الله عنه؛ ولا بصبر جعفر الطيار، رضوان الله عليه. وليس في الأرض قوم، اثبت جناناً، ولا اكثر مقتولا تحت ظلال السيوف، ولا اجدر أن يقاتلوا، وقد فرت الأخيار، وذهبت الصنائع، وحام ذوو البصيرة؛ وجاد أهل النجدة من رجالات بني هاشم وهم كما قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>