للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(شعر)

وخام الكمي وطاح اللواء ... ولا تأكل الحرب إلا سمينا

وكذلك قال دغفل، حين وصفهم: أنجاد، ذوو السنة حداد. وكذلك قال علي، عليه السلام، حين سئل عن بني هاشم وبني أمية: نحن انجد، وامجد، وأجود، وهم أنكر، وامكر، وأغدر. وقال أيضاً: نحن أطعم للطعام، واضرب للهام، وقد عرفت جفاء المكيين، وطيش المدنيين، وأعراق بني هاشم مكية، ومناسبهم مدنية.

ثم ليس في الأرض احسن أخلاقاً، ولا اطهر بشراً، ولا أدوم دمائه، ولا ألين عريكة، ولا

أطيب عشيرة، ولا ابعد من كبر منهم، والحدة لا يكاد يعدمها الحجازي، والتهامي، إلا أن حليمهم لا يشق غباره، وذلك في الخاص والجمهور، على خلاف ذلك، حتى تصير إلى بني هاشم، فالحلم في جمهورهم، وذلك يوجد في الناس كافة، ولكنا نضمن انهم أتم الناس فضلا، واقلهم نقصاً، وحسن الخلق في البخيل اسرع، وفي الذليل أوجد، وفيهم مع فرط جودهم، وظهور عزهم، من البشر الحسن، والاحتمال، وكرم التفاضل، ما لا يوجد مع البخيل الموسر، والذليل المكثر، اللذين يجعلان البشر وقاية دون المال. وليس في الأرض خصلة تدعو إلى الطغيان، والتهاون بالأمور، وتفسد العقول، وتورث السكر، إلا وهي تعتريهم، وتعرض لهم، دون غيرهم. إذ قد جمعوا من الشرف العالي، والمغرس الكريم العز والمنعة، مع إبقاء الناس عليهم، والهيبة لهم. وهم في كل أوقاتهم، وجميع اعصارهم، فوق من هم، على مثل ميلادهم في الهيئة الحسنة، والمروة الظاهرة، والأخلاق المرضية.

وقد عرف الحدث الغرير من فتيانهم، وذوو العرامة من شبانهم، انه أن افتري، لم يفتر عليه، وان ضرب، لم يضرب. ثم لا تجده إلا قوي الشهوة بعيد الهمة، كثير المعرفة، مع خفة ذات اليد، وتعذر الأمور. ثم لا تجد عند أفسدهم شيئاً من المنكر، إلا رأيت في غيره من الناس اكثر منه، من مشايخ القبائل، وجمهور العشائر. وإذا كان فاضلهم فوق كل فاضل. وناقصهم انقص من كل ناقص، فأي دليل أدل، وأي برهان أوضح مما قلته. وقد علمت أن الرجل منهم ينعت بالتعظيم، والرواية في دخول الجنة بغير حساب. ويتأول

<<  <  ج: ص:  >  >>