للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن له: ويزداد في طمعه بكل حيله، وينقص من خوفه، ويحتج له بان النار لا تمسه؛ وانه ليشفع في مثل ربيعه ومضر. وأنت تجد لهم مع ذلك العدد الكثير من الصوام، والمصلين، والمتألهين، الذين لا يجاريهم أحد، ولا يقاربهم.

كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، يصلي في كل ليله ألف ركعة وكذا علي بن الحسين بن علي، وعلي بن عبد الله بن جعفر، وعلي بن عبد الله بن العباس عليهم السلام، مع الحلم والعلم. وكظم الغيظ، والصفح الجميل، والاجتهاد المبرز. فلو أن خصلة من هذه الخصال، أو داعيه من هذه الدواعي عرضت لغيرهم لهلك وأهلك.

واعلم انهم لم يمتحنوا بهذه المحن. ولم يتحملوا هذه البلوى، إلاَّ لما قدموا من العزائم التامة، والأدوات الممكنة، ولم يكن الله ليزيدهم في المحنة إلاَّ وهم يزدادون على شدة المحن خبراً،

وعلى التكشف تهذيباً.

وجملة أخرى مما لعلي بن أبي طالب عليه السلام، خاصة الأب أبو طالب والجد عبد المطلب بن هاشم، والأم فاطمة بنت أسد بن هاشم، والزوجة فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيدة نساء أهل الجنة، والولد الحسن والحسين سيد شباب أهل الجنة، والأخ جعفر الطيار في الجنة، والعم العباس؛ وحمزة سيدا شهداء في الجنة؛ والعمة صفية بنت عبد المطلب، وابن العم رسول الله صلى الله عليه وآله؛ وأول هاشمي بين هاشميين كان في الأرض، ولد أبي طالب. والأعمال التي يستحق بها الخير أربعة: التقدم في الإسلام، والذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الدين، والفقه في الحلال والحرام، والزهد في الدنيا. وهي مجتمعة في علي بن أبي طالب متفرقة في الصحابة. وفي قول أسد بن رقيم يحرض عليه قريشاً، وانه قد باغ منهم على حداثة سنه، ما لم يبلغه ذوو الأسنان:

في كل مجمع غاية أخزاكم ... جذع ابر على المذاكي القرح

لله دركم ألما تنكروا ... قد ينكر الضيم الكريم ويستحي

هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ... ذبحاً ويمشي آمنا لم يجرح

<<  <  ج: ص:  >  >>