للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد عثرت على قول أبي سفيان يوم السقيفة:

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم ... (ولاسيما) تيم بن مرة أو عدي

فهذان القولان أقدم الأقوال وغيرهما مقيس عليهما ومأخوذ منهما، ومتى فسرنا البيتين تفسيرا بعيدا عن التعسف ذهب التكلف والتحرف والتطرف. فأحسن تفسير توصلت إليه

للبيت الأول هو:

(مرت بي أيام ذات صلاح ونعيم. ولا مماثل ليوم دارة جلجل في صلاحه ونعيمه). ومعنى البيت الثاني:

(يا أبناء هاشم لا تتركوا مجالا لطمع الناس فيكم ولا مثيل لتيم بن مرة وعدي في طمعها) فالقارئ يرى أن (لام الجر) حلت محل (ما) فاستقام المعنى استقامة تامة، ويرى أن جملة (ولاسيما) استدراكه فكأنه قال: (الناس طامعون فيكم ولكن تيما وعديا اطمع الناس). ويرى أيضاً أن الجملة مستأنفة ولم يرتبطها بسابقتها إلا المعنى. ولو لم تكن مستأنفة لتعذر التفسير وأرتبك التقدير وتفه التعبير، فما أسمج أن يقال (مرت بي أيام ذات صلاح ونعيم لا تشبه يوم دارة جلجل لأنه ذو صلاح كثير ونعيم عزير)؛ لأنه لا ينطبق على البيت فأي كلام فسروه ب (لا تشبه)؟ أنهم الصقوا ذلك تقويما لأود تفسيرهم. فالشاعر قال (ولا سي) أي (ولا شبيه أو مثيل) بالتغاضي عن الجملة السابقة وبالرغبة في الاستدراك.

الإعراب

الواو: حرف استئناف واجب الذكر لأن المعنى لا يتم أبدا إلا بالاستئناف كما رأينا. وتضمر الواو وجوبا في ما حذفت منه قديما.

لا: نافية للجنس لا يجوز حذفها أبدا ذهابا إلى الفصاحة واتباعا لأفصح ناطق ب (ولاسيما).

سي: أسم (لا) مبني على الفتح بمعنى (مثيل أو مماثل) ولا يجوز تخفيف الياء أبدا حفظا لأصلها الصحيح.

ما: حرف زائد حل محل (لام الجر) المحذوفة لضرورة الشعر ولكون الألسنة والأذواق قد الفتها حسن وضعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>