للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه يستطيع أن يستدر من شق قلمه لماظة عيشه. ودرة قوته. ومؤونة أهله صارت هذه كبعض الدواعي له المثيرة لما في كامن قريحته فأصبح) الخ ولم يلتفت إلى أن أديب ذلك العصر إذا أنشأ شيئاً لا ينظر إلا إلى جهة واحدة هي التي بعثته على الإنشاء. فهو إذا مدح لا ينظر إلا إلى كيف يؤله ممدوحه. فيطربه بما شاء وشاءت له مخيلته مما ليس فيه من الصفات العالية. والألقاب الفخيمة. فتراه قد يطري من ليس فيه إلا صفة العلم بالشجاعة والكرم. ويلقب

الشجاع الفارغ من العلم بالعلامة. ويصف من ليس له معه إلا المودة بخازن رزقه. كل ذلك لمقدمة عنده من المسلمات (أعذب الشعر أكذبه) على أن حضرة الناشر نفسه يعلم ذلك. فقد انتقد بيت سيدي (الرضا) في القصيدة المشتركة بينه وبين شاعرنا التي أنشئت في مدح الفاضل (الهادي) آل كاشف الغطاء حيث قال:

ما ركعت في كفه بيض الضبا ... إلا وهام قرنه خوفاً سجد

ولو نظرنا إلى شعراء ذلك الدور لوجدنا جل أشعارهم. بل كلها كذلك فلا أدري ما يقول حضرة الناشر في سيدنا الشريف الرضي الشهير بالإباء والشمم إذا رأى قوله في مدح (فخر الدين) أبي غالب بن خلف:

يا أبا غالب دعوتك للخط ... ب ومن يظم يستدر القطارا

لم أجاوزك بالدعاء فلبي ... ت جهاراً وقد دعوت سرارا

لم تقل لا ولم تشد على خا ... ف الندى بين راحتيك صرارا

قد هززناك للندى فوجدنا ... ورقاً ناضراً وعودا نضارا

ورأينا النوال عينا بلا مط ... ل إذا ما النوال كان ضمارا

ولو أردت أن أثبت ما يشبه هذا من شعر الشريف وغيره ممن أشتهر بالإباء والثروة من الأدباء لملأت الصحف. افيقول ناشرنا في الشريف الرضي (أنه يحتلب مسكة رمقه، ودرة عيشه، من ضرع قلمه، وشق قصبته، وإخلاف محبرته) أو يقول إنه (يستظل سماء القناعة ويلتحف إيراد الفقر والفاقة) وأما قوله بعد أن طال بالفضلة دون العمدة (فمن كسف البال. وضجر الخاطر كان بعد أن تمكن من الشعر صار ربما ينتحل نفس شعره فيقول القصيدة في إنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>