للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤: شعره وأدبه - مر بك القول عما كان عليه المترجم من المقام السامي في التفسير والفقه؛ وهنا نقول أنه كان أديباً كاتباً لا يشق له غبار وشاعراً فصيحاً لا يسبقه أحد في مضمار، وقد نهج في شعره منهج فحول الشعراء في عصر الجاهلية الجهلاء، وفي صدر الإسلام بوصفهم وبلاغتهم وإبداعهم في ترصيف المعاني وانتقاء الألفاظ الرقيقة والأساليب الدقيقة، ومن شذرات شعره قوله يذكر العراق ويحن إليه:

أهيم بآثار العراق وذكره ... وتغدو عيوني من مسرتها عبرى

والثم أخفافاً وطئن ترابه ... وأكحل أجفاناً بتربته العطرى

وأسهر أرعى في الدياجي كواكباً ... تمر إذا سارت على ساكن الزورا

وأنشق ريح الشرق عند هبوبها ... أداوي بها يا مي مهجتي الحرى

وقال يصف بغداد وفراقه إياها:

أرض إذا مرت بها ريح الصبا ... حملت من الأرجاء مسكاً أذفرا

لا تسمعن حديث أرض بعدها ... يروي فكل الصيد في جوف الفرا

فارقتها لا عن رضى وهجرتها ... لا عن قلى ورحلت لا متخيرا

لكنها ضاقت علي برحبها ... لما رأيت بها الزمان تكدرا

ومن لطائف شعره وصفه لشاعر سهل الألفاظ بعيد المعاني قوله:

تتحير الشعراء إن سمعوا به ... في حسن صنعته وفي تأليفه

فكأنه في قربه من فهمهم ... ونكولهم في العجز عن ترصيفه

شجر بدا للعين حسن نباته ... ونأى عن الأيدي جنى مقطوفه

وقال مفتتحاً به كتاب مقاماته ومستغفراً:

أنا مذنب أنا مجرم أنا خاطئ ... هو غافر هو راحم هو عافي

قابلتهن ثلاثة بثلاثةٍ ... فستغلبهن أوصافه أوصافي

وله من القصائد الرقيقة الألفاظ البليغة المعاني شيء كثير. ومما يذكر عنه ويعد له من جملة المواهب أنه كان لا يقصر تأليفه في اليوم والليلة عن أقل من ورقتين كبيرتين، وهذا ما يدلك على ما ناله من سهولة الكتابة وسرعة القلم.

٥: أقول شمسه - وقد توفى في ٥ ذي القعدة سنة ١٢٧٠هـ ١٨٥٤م بلغ عمره ٥٣ عاماً قضاها بالتقوى والبر بالفقراء والإحسان إلى البؤساء ودفن

<<  <  ج: ص:  >  >>