للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ نسب بعضها إلى الأقدمين وإن العرب سعوا في ترجمتها. - وقد قال في تلك الصفحة (لا يكاد يخلو علم من تأثير القرآن عليه رأساً أو ضمنا) ونسي أن العرب إذا بحثوا بحثاً في موضوع لم يأنفوا من الإشارة إلى سائر المواضيع فما من أحد تعرض لشرح المعلقات مثلاً إلا ورأيت فيها سائر العلوم (رأساً أو ضمناً) فلماذا لم يقل مثل قوله السابق عن هذه المعلقات. فأنت ترى أن ما قاله في البدء لا يوافق ما أشار إليه في ما تلا من تأييد آرائه.

وقال في ص ١١ (أنه (أي النحو) نضج (عند العرب) في قرن وبعض القرن. واليونان لم يتم علم النحو عندهم إلا بعد إنشاء دولتهم بعدة قرون. ولم يضع الرومان نحو اللغة اللاتينية إلا بعد قيام دولتهم بستة قرون) لكن ذهل حضرته عن أن اليونان والرومان

اهتموا بوضع المبادئ والأسس والعرب جاءوا بعدهم فوجدوا كل شيء مهيأ فأخذوه عمن تقدمهم ليس إلا. نعم. إن بعضهم ينكر ذلك لكن أدلة المعاصرين من أهل البحث والمستشرقين من أبناء الغرب أماطوا اللثام عن محيا الحقيقة فأصبحت اليوم سافرة لا تحتاج إلى إثبات.

وقال في صفحة ١٣: (لم يصلنا من أساليب الإنشاء الجاهلي غير سجع الكهان وأقوال شق وسطيح الكاهنين الجاهليين مشهورة وكلها باردة ركيكة يمجها الذوق). قلنا: إن الذين نقلوا أقوال شق وسطيح وسائر الكهان جاءوا بعدهم بعدة سنين بل بعدة مئين من السنين فلما نقلوا لنا شق وسطيح لم ينقلوها لنا بنصها بل بما يكاد يكون بمعناها. لا بل لعلهم وضعوها على لسانهم بدون أن يكون لها ظل من الحقيقة وقد فعلوا ذلك تحقيراً لكلامهم في عهدهم ذك. وإلا فإن ما وصل إلينا من أشعارهم المتينة وارتجالهم إياها يدل على ما كان لهم من قوة العارضة وأداء البلاغة بجميع حقوقها. طالع مثلاً أمثالهم وما يعزى إلى خطباء العرب ووفودهم وراجع العقد الفريد في ما ينسبه إلى قدماء الناطقين بالضاد تر العجب.

وفي ص ١٤ ذكر ما: (دخل اللغة في الألفاظ الإسلامية واكتسبت كثيراً من المعاني الإسلامية لم تكن فيها من قبل كالصلاة والزكاة والمؤمن والكافر والمسلم وغير ذلك). قلنا إن شيوع تلك الألفاظ بالمعاني التي يشير إليها كان عرب النصارى قد سبقوا عرب الإسلام إلى وضعها بل كان عرب اليهود أيضاً

<<  <  ج: ص:  >  >>