للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباسيين فقد جاء في كلام عامر بن الضرب العدواني من خطباء الجاهلية: أنى أرى أموراً شتى وحتى. قيل له: وما حتى؟ قال: حتى يرجع الميت حياً، ويعود اللاشيء (أي العدم) شيئاً. أهـ. فأنت ترى أنه كان في غنىٍ من أن يقول اللاشيء بقوله العدم. لكنه قال ما قال لتوجيه الفكر إلى معنى دقيق جديد لا يوجد في لفظة العدم.

وقال في ص ٤٠: (ومن الكتب التي يمكن الرجوع إليها في هذا الموضوع موضوع الألفاظ العلمية غير كتاب تاريخ اللغة العربية المتقدم ذكره: (كتاب التعريفات) للجرجاني المتوفى سنة ٨١٦هـ، ويشتمل على المصطلحات الفقهية والنحوية وغيرها مرتبة على حروف المعجم وهو مطبوع في باريس سنة ١٨٤٥ وفي مصر أهـ. - قلنا: لا ندري لماذا خص بالذكر المصطلحات الفقهية والنحوية دون غيرها مع أن مصطلحاتهما قليلة بالنسبة إلى أوضاع سائر الفنون. ثم قال إنه طبع في باريس والحال إنه طبع في لبسيك بسعى غستاف فلوجل: وأما الطبعة المصرية فقد برزت سنة ١٢٨٣ نقلاً عن الطبعة الإفرنجية كما أن شركة الصحافة العثمانية في دار السعادة طبعتها على النسخة المصرية وهي كثيرة الأغلاط

كالأصل الذي نقلت عنه إذ لم تحرر.

ومن غريب أقواله ما ذكره في سبب الشكوك في الدين والزندقة (ص ٥١) قال: الفلسفة لم تدخل في ديار قوم أهل دين إلا شوشت اعتقادهم وتركتهم حيارى مذبذبين ريثما يرسخون في العلم فيستقر رأيهم على شيء يدينون به (كذا). أهـ. قلنا: ليست الفلسفة إلا نوراً طبيعياً لا يضر العقل المتدين السليم بل يزيده جلاء مهما تغلغل في الحكمة وإنما يؤذي من كان في عقله آفة أو في دينه مغمز أو مطعن ونحن نعلم أن كثيراً من المتدينين تفرغوا أو يتفرغون لدرس الفلسفة فنهضوا أو ينهضون عنها وقد تمكن معتقدهم في صدرهم وازدادوا نوراً على نور. وإلا فمن ينسب إلى الفلسفة تسبب الضعف في الدين والزندقة كمن ينسب إلى الشمس موت الأحياء. نعم إن الشمس قد تميت لكن الغالب على أفعالها الحياة والأحياء وكذلك فعل الفلسفة. ولهذا فنسبة الزندقة إليها ظلم بين فاضح. وقد قال قدماء الأجانب: قلة العلم تبعدنا عن الله وكثرته تقربنا منه. وحضرة الكاتب كثيراً ما يلمح إلى عدم اتفاق الدين والعلم كأن الواحد عدو الآخر وكأن مصدر الاثنين مصدران متعاديان لا يجتمعان معاً. ونحن ننزهه عن هذا المقال، على أنه لا يسلم هو بصحة مبدأ هذا وكأنه رأى نقصه عند تدوينه إياه

<<  <  ج: ص:  >  >>