فالمسلمون إلى اليوم لم يتفقوا على القطع في هذا الشأن فمنهم من هم له ومنهم من هم عليه أما حضرة صديقنا المستشرق لويس ماسنيون الذي بحث بحثاً نعما في أقوال أعدائه وأصدقائه فقد رأى أنه لم يكن لا من الضالين ولا من المضلين؛ بل إنه كان من القوم الصادقين ومات على دين مبين.
وهو لم يقل ذلك اعتباطاً بل تجشم للبحث عن هذه المسألة سفراً شاقاً إلى بغداد وسافر إلى ديار مختلفة فوجد فيها الكتب التي تبحث عن هذا الصوفي الغريب الأخلاق وبذل في سبيل تحقيق الأمر المال والصحة وطالع جميع ما كتبه المؤرخون والإخباريون والكتاب على اختلاف مذاهبهم وآرائهم وطبقاتهم وعصورهم فجاءنا بهذا الكتاب الذي قطعت فيه جهيزة قول كل خطيب بل هو فصل الخطاب في هذا الباب. وقد أفرغ فيه من كنانة السعي والجد والجهد ما لا نراه في أبناء ديارنا هذه فنحن نهنئه بهذا الفوز المبين وسبق جميع من تقدمه في هذا الميدان بل ميدان الميادين.
على أننا لا ننكر على الساعي الهمام ما ورد في طبع سفره من الأغلاط التي لا يخلو منها
كتاب، إذ العصمة لرب الأرباب، فمن هذه الأغلاط ما هي من الطبع، ومنها ما هي من النسختين الأصليتين، ومنها ما هي من ابن منصور نفسه، منها ما هي من سوء النقل إلى الفرنسية المتولدة من سوء فهم العبارة العربية.
فمن أغلاط الطبع ضبطه أعذبك بإسكان العين والأصح بفتحها. - وضبط بلى (في تلك ص) بتنقيط الياء والأصح بإهمالها. ومثل هذا كثير وقد يعكس الأمر - وضبط شئت بفتح الشين والتاء والأصح بكسر الشين وفتح التاء. - وجعل الهمزة على ألف أتى (في تلك ال ص سطر ٤) بعد الكلمة، فقال: والأصح كسرها. ومثل هذا الضبط المخطوء كثير. - وضبط القدرة بفتح التاء مع أن قبلها كلمة (علوم) والأصح كسرها. ومثل هذا أيضاً كثير -. وشدد طاء فقد ظناً منه أنها مثل قط والأصح إسكانها. - وكتب مائة (ص بالياء والأصح بالهمزة كما كتبناها. - وضبط (ص تعتريه المرفوع المضارع المضاف إلى ضمير الغائب المفرد بضم الهاء وهو خطأ والأصح بكسره. - ونحن نقول هنا كلمة وهي أن ما صححه من الأغلاط في آخر الكتاب هو دون ما بقى من تصحيحها.