كان يقطع أو يمزق الثياب لئلا يلبسها أحد بعده. وكل ذلك من الحكايات الملفقة اختلقها بعض القصاصين تأييداً لسبب وضع هذا الاسم وهذا الاشتقاق لا غير.
قلنا: والذي يجب أن يؤخذ من هذه الأقاصيص كلها أن كرد عمرو كان في نواحي خوزستان أو ديار الأكراد اللورية ثم وقع في ناحية الشمال من جزيرة العرب فنسبت إليه تلك الأقاصيص لمرور الزمان عليها إذ كان المذكور في عهد إبراهيم الخليل.
ثم أن العرب صحفوا هذا الاسم عينه (كدرلعومر) بصورة قدار الأحمر أو قدار الأحيمر أو قدار بن سالف أو قدار عاد أو قدار ثمود أو أحمر عاد أو أحيمر عاد أو أحمر ثمود أو
احيمر ثمود إلى غير ذلك من اختلاف الروايات واللغات. وسبب هذا التصحيف أنهم نقلوا هذا الاسم عن اليونانية أو عن الرومية كما نقلوا كرد عمرو عن العبرية. ثم ظنوا أنهما شخصان مختلفان كما فعلوا في النبي الياس فإنهم نقلوا هذا الاسم بصورتين: الواحدة بصورة إيليا عن العبرية والثانية عن اليونانية بصورة الياس ثم ذكروا للواحد غير ما ذكروه للآخر فتقوم من وصفهم شخصان ومثل هذا الأمر كان يقع للعرب في الألفاظ الجنسية أيضاً أي أنهم كانوا يعربون اللفظة الواحدة بصورتين مختلفتين ويعقدون بناصية كل منهما ما لا يعقدونه بناصية الأخرى صاحبتها. على أنه، والحق يقال، لم يقع ذلك عند العرب فقط بل عند سائر الأقوام الأقدمين وهو أمر لا ينكر.
وقد قالوا عن قدار الأحمر ما انقله عن ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي. قال:(أحمر ثمود هو قدار بن سالف عاقر ناقة الله. يضرب به المثل في الشؤم والشقوة. وقد غلط زهير في قوله:
فتنتج لكم غلمان شوم كلهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
وكأنه سمع بعاد وثمود فنسب الأحمر إلى عاد على ما توهم وهو من ثمود. وكان قدار أحمر أزرق، وهو الذي ذكره الله تعالى فقال: إذ انبعث أشقاها. وعن عمار بن ياسر قال: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة ذات العشيرة فلما قفلنا نزلنا منزلاً فخرجت أنا وعلي بن أبي طالب ننظر إلى قوم يعتملون، فنعسنا، فسفت علينا التراب فما نبهنا إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لعلي (رضه): يا أبا تراب، لما عليه من التراب، أتعلم من أشقى الناس؟ فقال: خبرني يا رسول الله. فقال: أشقى الناس أحمر ثمود الذي عقر ناقة الله؛ وأشقاها الذي يخضب هذه، ووضع