للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذكر المؤرخون مثل هذا الفشل للإنبراطور سويرس وقالوا أيضاً إنه اخفق في محاربته للعرب الذين كانوا في الحضر.

بيد أننا لا ننكر أن كثيرين من المؤرخين يذكرون أسم الفرث أو الفرس بدلاً من أن يقولوا (الحضر أو عرب الحضر) حينما يذكرون هذه الوقائع وقائع الرومان مع أهل الحضر. ولا بد لذلك من سبب وها نحن نشرحه:

يوم حارب الرومان عرب الحضر كانت هذه المدينة تحت سطوة الفرث الذين يسميهم العرب: الفرس (بفتح الفاء أي لا الفرس بضم الفاء أي ومنهم من يحمل الواحدة على الأخرى ويخلط اللفظين) أو كانت بلدتهم داخلة في أراضٍ يحكم عليها الفرث. وإذ كانت تلك المدينة على تلك الحالة جاز للمؤرخ أن يسميها بلدة عربية لأن اغلب سكانها عرب وبلدة فرثية أو فرسية لكونها كانت في أرض البرثيين أو كانت تحت حكمهم ومن هذا نشأ الاختلاف في التعبير على أن اغلب المؤرخين الأقدمين كانوا يروون الحوادث والوقائع ذاكرين أن العاهلين الرومانيين حاربا عرب الحضر لا غير.

٥ - اعتراضات المخالفين لرأينا.

قد يعترض علينا هذا الاعتراض وهو: إن أهل الحضر لم يكونوا عرباً لأن لغتهم كانت

فرثية وسريانية أو جرمقانية ومن لم تكن لغته عربية لم يكن عربياً. قلنا: سبق الكلام على أن الجرميين كانوا في قلب بلاد الفرثيين أو البرثيين. وكان أهل الحضر يتكلمون ثلاث لغات: الفرثية لغة سادات البلاد، والسريانية لغة عوام البلاد وأهاليها، والعربية لغة القوم أنفسهم. وعلى هذا لا يكون تناقض ولا يقوم علينا اعتراض ذو شان. وكانت حالة الجرميين يومئذ كحالة التلكيفيين في يومنا هذا. فإن منهم من يعرف التركية وهم الذين يريدون الدخول في وظائف أهل الحل والعقد، والعربية وهم الذين يعيشون بين أهالي البلاد لكونهم عرباً، والآرامية وهي لغة أقوامهم أو بني عنصرهم.

٦ - اللغة الجرمقانية هي فرع من اللغة الارمية

ليس في كتبنا التاريخية والمعاجم اللغوية ما يهدينا إلى معرفة حقيقة اللغة المسماة بالجرمقانية، فإن المستشرقين لم يبتوا حكماً في هذه المسألة إلى يومنا هذا وذلك لأن ابن الفقيه يقول في كتابه: مختصر كتاب البلدان ص ٧٧: (الروم

<<  <  ج: ص:  >  >>