فأصبو إليها كلما مر ذكرها ... ببالي وكم يصبو لرؤيتها مثلي
بلاد عليً شفت مخايل عزها ... وولت كما ذل الفرند على النصل
ولعت بها طفلاً لأني وجدتها ... تغذى بألبان العلى فكرة الطفل
كتمت الهوى جهدي فحرره الاسي ... بماء المآقي ذا يخط وذا يملي
لعل الصبا يهدي إليها رسالة ... فقد تعبت ما بيننا السن الرسل
وما شغفي بالآنسات وحسنها ... ولا بفتور اللحظ والأعين النجل
ولا بالخدود الزاهرات ورودها ... ولا بالقدود المآئلات من الدل
ولا بنحور زينتها قلائد ... ولا بابتسام الثغر والألسن الرتل
ولكنني أصبو لذكرى أحبةٍ ... فلاسفة الأيام بالعقد والحل
لئن قطنت أهلي العراق فإن لي ... (بباريز) أصحاباً أعز من الأهل
وإن حرمت (باريز) قتل أخ الهوى ... فإن بلادي حللت في الهوى قتلي
وإن قل في أرض العراق مساعدي ... أشد يدي منها بأذرعها الفتل
فشتان ما بين العراق وبينها ... وبين أخ جهلٍ بري وأخ فضل
خليلي لوما إن تشاءا أو اعذلا ... فلي إذن صما عن اللوم والعذل
فكم صدني عن نيل ما رمت معشر ... يكلفني أن أقتل العمر بالجهل
فبين صديق ليس يعرف غايتي ... وبين شقيق قد ألح عليّ مطلي
إذا حكموا مالوا عليّ بحكمهم ... وإن عدلوا جاروا على سنة العدل
لقد كنت قبل اليوم أحسب أخوتي ... كثيرين فيها غير ذي عدد قل
فصرت وحيداً لا أرى قط واحداً ... يشاطرني وجدي ويسلك في سبلي
فيا راكبي (ظهر القطار) بعدتم ... مدى وقربتم للمنى زمناً قبلي
ففزتم بما نلتم على شقة النوى ... وخلفتم قلبي مراجله تغلى
وكم من رجال راقهم ما شربتم ... على البعد في (باريز) علاً على نهل
(يحثون للمغنى الذي أنتم به) ... ويصيبهم ذكر الأحبة والوصل