للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذا النسق إلى ما شاء الله فكان كل منهم يدون فيه أهم الحوادث وأصدق الوقائع والأخبار الطارئة في عصره وقطره وقد استمر الخلف يقتفي أثر السلف إلى أيام المستعصم بالله فتوقف الأبناء برهة ثم استأنفوا التدوين إلى سنة ١٨٣١م - ١٢٤٧هـ عندما داهم الزوراء وباء شديد الوطأة فحصد الألوف من النفوس وإذ ذاك تشتت شمل هذه الأسرة فمنهم من مات ومنهم من هام على وجهه.

وكانت مهنة مؤلفي هذا التاريخ - الجامع لشتات أخبار بضعة أحقاب - الكتابة في دواوين الخلفاء العباسيين والبرامكة وغيرهم من رؤساء وأعيان دار السلام والذي جعلهم أن يستمروا في وظائفهم على طول هذا الزمن هو نزاهتهم وأمانتهم وتضلعهم من اللغة العربية والتفنن في أساليب الإنشاء. وقد ثابروا على تأليف هذا التاريخ أكثر من ألف سنة. وكان

عند المرحوم والدي نسخة منه بخط مؤلفيه في مجلدين ضخمين تربو عدد صفحاتهما على الألفين بقطع كبير وحرف دقيق فاستعارها منه المرحوم القس ميخائيل أيلو السرياني ليطالعها فلما وقف على مشتملات الكتاب وجده مؤلفاً نفيساً نادراً فطلب إلى والدي أن ينسخه وكان حسن الخط فلم يضن عليه به وبعد بقاء الكتاب في حوزته نحو سنين أدعى بأن أحد المستشرقين الفرنسويين استعاره منه ليقف على محتوياته فسافر به إلى مسقط رأسه (باريس) ولم يعده إليه وقد ذهل عن أخذه في حينه ففقد هذا السفر الجليل ولم يوقف له على أثر منذ ذلك اليوم.

وعسى المستشرقون ذوو الهمم الشماء أن يبحثوا في متاحف أوربا ومكاتبها الخاصة والعامة عن هذا الأثر العظيم والمؤلف اليتيم الذي يحق له كل الحق أن يدعى (الكنز الثمين) فإنه يشتمل على كثير من المسائل والأمور المهمة التي يعز وجودها بلا امتراء في غيره من الأسفار سيما ما أهمل ذكره مؤرخو العرب وغيرهم من كتاب المسلمين.

(٢٢) - (تاريخ بغداد في عهد الخلفاء العباسيين) تأليف العلامة غي لسترانج وهو نفس تأليف بل أسمى تصنيف وقفنا عليه في الإنكليزية حتى الآن وهو يتضمن تاريخ الزوراء منذ يوم تأسيسها حتى سقوطها على يد هولاكو

<<  <  ج: ص:  >  >>