للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأنما البيدآء حين مضى ... نهب من الأرضين ينتهب

يتنفس الصعدآء لا حزن ... يغشاه في بعدٍ ولا طرب

وتراه للعمال مؤتمراً ... يسعى فلا يرمي به غضب

ترتجف الأرض منه خاشعة ... في قلبها من وطئه ريب

يلج الجبال بطونها نحتت ... طورا وطورا فوقها يلب

يعلو على شم الجبال فلا ... يعدو إذا ولا يثب

ويجد في بيدأء خالية ... عجفاء لا يلوي بها الرهب

وكل إذا قل البخار به ... أو قل فيه الفحم واللهب

عرف المنازل بعد ما جهلت ... أوصافه الأغوار والحدب

متعصب ما أن يمس سوى ... سكك تمد له وتنشعب

سار القطار بكل منزلة ... لا الركب يبلغها ولا الركب

كلا ولا الخيل الجياد ولا ... وصلت إليها الأنيق التعب

فكأنما مصر به عدن ... وكأنما فرغانة حلب

هذا البخار وذوي مآثره ... ذكرت فأين السمر والقضب

طورا يسير بأهله سرعا ... حيث البعيد به لهم كثب

وتراه آونة يطير بهم ... يعلو السكاك به فيحتجب

يخترق اللوح والفضاء بهم ... فيجوبه وتجوبه الشهب

فكأنما العقبان خافقة ... تحت السماء لهن منقلب

الطير تحسد وهي طائرة ... يهوي بها إن جدت التعب

والناس حسدها وقد صعدوا ... فوقا وقد رفعت لهم رتب

بكرت بأجنحة فما ذهبت ... ببكورها فوق الذي ذهبوا

فلئن هم سبقوا فما بلغت ... سبقا ولا ضربت كما ضربوا

الناس يرقون والبخار لهم ... سبب يمد لهم به سبب

وكأنما (يعقوب) يركبه ... و (ليوسف) من فعله عجب

إن البخار محلق بهم ... في الجو والمنطاد مرتكب

يغدون من بلد إلى بلد ... فعل الذي يستحثه الدأب

محمد الهاشمي

<<  <  ج: ص:  >  >>