٥ - هذه المصيبة أعطته درساً مفيداً في سياسة المملكة
ومن التعابير المسلوخة من الإفرنجية سلخاً قبيحاً قولهم مثل هذه العبارة المذكورة التي يدخلون فيها (أعطاه درسا). فإن العرب لا تفهم هذا الكلام وإنما يقال في هذا المعنى: إفادته هذه المصيبة، أو: أدبته، أو أن يقال: أعتبر فلان بهذا المصيبة أو أتعظ به، أو نحوها مما يرى مدوناً في كتب اللغة وهي أكثر من أن تحصى.
٦ - النوائي نسبة إلى النواة
وينسب بعضهم إلى النواة فيقول: النوائي، مع أنهم إذا نسبوا إلى الحياة قالوا: الحيوي. ومن مقابلة هذين الحرفين يعرف الكاتب غلطه ولا سيما إذا وقف على قواعد النسبة إذ يقال في عصا عصوي وليس عصائي كما هو مثبت في كتبهم. وعليه يجب أن يقال النووي لا النوائي إذ هذا غلط بين.
٧ - مذهب الخبرية أو مذهب الوضعيين أو الكونتية
كثر الكتاب في هذه السنين الأخيرة ممن له خبرة باللغات الإفرنجية وأخذوا ينقلون من الأجانب علومهم وفنونهم وأفكارهم ومقالاتهم فالمصيبون في الترجمة قليلون والمسيئون كثيرون إلا أن سوء النقل ينفضح عند نل الألفاظ الاصطلاحية وقد شاع في القرن الأخير مذهب فلسفي جديد عند الإفرنج سموه صاحبه أوغست كونت خلاصته أن موضوع العلوم هو المحسوس والمحسوس هو الأحداث والشرائع أو النواميس. (فالأحداث) هي الظواهر التي تبديها لنا الحواس. (والنواميس) هي الروابط الموجودة بين أحداث وأحداث أخرى سبقتها أو تتلوها أو تكون معها. وبعبارة أخرى هو مذهب فلسفي يرمي إلى الانتفاع بالأمور المادية أو ربما تطلبه الحواس فتتأثره أو هو مذهب من يرفض كل ما لم تتحققه الحواس أو الخبرة، ولما كان واضعه هو الفرنسوي الذي ذكرناه، سماه بعضهم مذهب كونت أو الكونتية وهذا صحيح من باب نسبة الشيء إلى صاحبه، لكن كثيرين من كتابنا حاروا في وضع لفظة تقابل (البوزيتيفسم) حتى أن بعضهم سماه باسمه الإفرنجي هذا والأصح أن يسمى بالعربية (التحسس) مصدر تحسس الشيء إذا تعرفه وتطلبه بالحاسة لا
(الخبرية ولا الوضعية) فإنهما من التعريب اللفظي الذي لا يفيد فائدة في لغتنا بخلاف لغتهم. - والمتحسس (بصيغة اسم المفعول هو المعروف عندهم