للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بصناعة البناء والهندسة كان قد بلغ شأواً بعيداً من الإجادة والإتقان. حتى إن الإنسان ليسأل نفسه قائلاً: إذا اجتمع المعاصرون لإقامة بناء من طين وآجر، هل يستطيعون أن يأتوا بمثله متانة وصلابة ولو على هيئة تل ركام كهذا التل الذي يصارع الصوان لو أمكنته الحياة من النهوض والمصارعة؟

كانت مدينة برس تعرف في القديم باسم برسيا أو بضم الباء أو فتحها وإسكان الراء وكسر السين المهملة وفتح الياء المثلثة التحتية الفارسية المشددة وفي الآخر ألف مقصورة. وقد فتحها المسلمون سنة ١٥هـ (٦٣٦م) وأشتهر يوم فتحها بيون برس. قال البلاذري (ص ٢٥٩ من كتابه فتوح البلدان): بعث سعد خالد بن عرفطة على خيل الطلب فجعلوا يقتلون من لحقوا حتى انتهوا إلى برس، ونزل خالد على رجل يقال له بسطام فأكرمه وبره، وسمى نهر هناك بنهر بسطام، وأجتاز خالد بالصراة فلحق جاينوس فحمل عليه كثير بن شهاب الحارثي فطعنه، ويقال: قتله، وقال ابن الكلبي: قتله زهرة بن حوية السعدي وذلك

اثبت، وهرب الفرس إلى المدائن ولحقوا بيزدجرد وكتب سعد إلى عمر بالفتح وبمصاب من أصيب. اهـ

وقال ياقوت: برس، بالضم، موضع بأرض بابل به آثار لبخت نصر وتل مفرط العلو يسمى (صرح البرس). اهـ.

والباقي من المدينة في هذا اليوم أخربه عظيمة مقسومة إلى قسمين هما تلان متجاوران متلاصقان قاعدتهما مستطيلة قائمة الزوايا يعرف الأول منهما وهو الذي على قمته السميط (تل البرس) والثاني باسم (إبراهيم الخليل).

فأما (تل البرس) هكذا بال التعريف خلافاً لما هو معهود في لفظه) فكان فيه قديماً (برج برس) أحد مباني بلاد كلدية الشهيرة، وهو البناء الذي ظن فيه أنه (برج بابل أو صرح بابل) المذكور في التوراة. وقد أبقى لنا بخت نصر الملك تاريخ هذا البرج مكتوباً بحرف مسماري مع وصف الأشغال العظيمة التي قام بها ليعيد لهذا الهيكل الضخم مجده السابق وعزه السامق. قال:

(أنا بخت نصر ملك بابل، ولدني مردوخ الإله العظيم وأمرني بتشييد معابده. إن الهرم هو أعظم هيكل في السماء وعلى الأرض، وهو مقام مردوخ رب

<<  <  ج: ص:  >  >>