إلى الشيخ طلبه. وفي القابل (العام الذي هو بعد العام الحاضر) لا يفي زرعه لأداء ما عليه من الدين ولما يحتاج إليه من الطعام واللباس فيضطر إلى مماطلة الحكومة. فتبقى البقايا في الدفاتر فترى حاصل الشامية مثلاً ٨٠ ألف ليرة. فيدخل منها الصندوق من ٢٠ إلى ٣٠ ألفاً فقط والباقي يدون
في الدفاتر باسم (بقايا) وهلم جراً. فيسبب هذا الارتباك الحروب وهلاك الأنفس.
هذا ما كانت عليه الحالة في العهد البائد الاستبداد والتحكم ولا يظن القارئ إن في الأمر مبالغة أو إغراقاً، كلا وألف كلا، بل فيه تهوين وتقليل. أما الآن فلكوني اعتزلت المداخلات لا اعلم كيف تجري المعاملة في هذا الخصوص!!! لكن مادة الذرعة والحصة والتجبير باقية على حالها بدون أدنى خرق لأنها معاملة رسمية.
وفي العام الماضي تولى نظارة الذرعة دفتر دار الولاية (أمين خزينتها) توفيق بك وأوصل الرسوم الأميرية إلى ١٢٠ ألف ليرة فصاحت العشائر وناحت (لأنها كانت تتراوح في السنوات الماضية بين ٣٠ و٥٠ ألفاً) ولكن بدون جدوى. وبقي منها قسم دون في دفتر البقايا حسب العادات القديمة. - وفي هذه السنة خرج الموظفون بنظارة متصرف الديوانية رشيد بك فكانت الظواهر تدل على أن الحصة الأميرية ستكون ما بين ٤٠ إلى ٣٠ ألف ليرة؛ فقامت قيامة الحكومة وعزل المتصرف وجرت المفاوضات بين الولاية والأستانة فكانت نهاية الأمر ورود الجواب من نظارة المالية أن يؤخذ من الزراع الحاصل المعدل تخميساً أي بحسب حاصل خمس سنوات يؤخذ منها خمسها. فالزراع يقولون: نعم لكن بشرط عدم إدخال السنة الماضية في السنوات الخمس لأنا مظلومون فيها ظلماً فاحشاً ظاهراً لكل ذي عينين فلعل الحكومة تصغي إليهم. وهي اعلم بأمرها معهم.
قلنا: والسبب الذي الجأ ذوي الأمر إلى حساب خمس حاصل الأعوام الخمسة السابقة هو أن أرض زرع الأرز بعد حصاده يغمرها أصحابها بالمياه خدمة للزرع المستقبل فلا يمكن إعادة ذرعها وإن يكن قد سبق للحكومة ذرع الأرض بعد حصادها وتخمين العمدة لحسن الزرع وسوئه وإن كان مغموراً بالماء فهو من باب المكاشفة