يبقى عشرات من السنين بدون حمل إذا كان قد غرس تحت الأشجار الفنواء.
وقبل أن نتكلم عن كيفية غرس النخل نوصي الفلاح بأن يختار من صنف النخلة التي يريد غرسها التالة الحسنة من جانب نخلة أصيلة كثيرة الحمل (الطرح) حسنة التمرة لأن النخل كبني آدم قريب النزوع إلى أصله. وإن لم يوجد في بستانك أو ولايتك تال حسب مرغوبك فاطلبه من البلاد المشهورة بتمورها لأن النخل الغريب متى انتقل من محله وحسنت تربيته يتمر جيداً. وإذا بخلت بالدراهم لشراء التال الجيد من بلدك أو من غيره فتلك التالة غير الأصيلة التي تغرسها إذا نمت يوماً تثمر لك ثمرة بخلك وهي الندامة لأنك تندم على أنك غرست بدون جدوى فلا يجوز لك بعدئذ أن تقول ما قاله أحدهم في سابق العهد:(غرسوا فأكلنا نغرس فيأكلون).
وأما غرسها فيكون بعد أن تحفر لها في الأرض حفرة يختلف عمقها باختلاف كبر التالة وصغرها وأما قطر الحفرة فيكون بنسبة كبر التالة والأحسن أن يكون بقطر متر ثم خذ التالة وتشتلها شتلاً مستقيماً بكل دقة لكي لا تنمو عوجاء وأحذر عند دفنها من أن تضع التراب على قلبها لئلا تتأذى أو تموت وبعد الشتال (الغرس) تسقيها ماء بدون أن تغرق قلبها وإلا فإن غرق قلبها ماتت. وأن يساعدك الوقت فاسقها بين يوم ويوم. ولما تغرس التالة اقطع منها السعف الموجود فيها من نصفه ولا تدع سالمة إلا سعفات القلب الصغار لئلا تأخذ السعفات الكبار قوتها فتضعف.
أما إذا قطعت فتذهب كل قواها إلى السعف الجديد وإلى العروق المحتاجة إليها وداوم على سقيها مدة شهرين وما فوق إلى أن تتأصل عروقها وتصبح قوية جداً.
وإذا يبس فيها سعف فاقطعه بلطافة لئلا تهزها وتحركها فتتأذى النخلة من عملك هذا بل إذا أردت قطع السعف اليابس فاستعمل مقص التزبير المعروفة بالفرنسوية باسم مفضلاً إياه على استعمال سكين التكريب وهو السكين الذي يعرفه أهل القرى بالكلاب (ويلفظونها على مألوف عادتهم بالجيم الفارسية المثلثة)
وأحذر من أن تبقى حول التالة حفرة لئلا يسرى منها إلى منها ما يقتلها من برد شديد أو حر لا يطاق من عوارض الجو الفجائية.