للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيام وربما كان أكثر لأنها تطلب مياهاً غزيرة. ولهذا أن بنيت بواخر جديدة فلا بد من أنها تكون موافقة للحال على ما هو أي أن تكون صغيرة الحجم وتطلب ماء قليلاً وتكون قوية وتجر جناب فلا تتأخر ويرتاح الركاب من ذلك.

ولا شك في أن الطريق إن سهلت يزداد التردد إلى الولايتين وإلى ما بينهما من المواقع وذلك من أقوى أسباب العمران.

١٦ - منافع الإدارة

ذكرنا إن ريع الإدارة في السنين الثلاث الأخيرة كان يتراوح بين ١٨ و٢٣ ألف ليرة. وكان قبلها نحو عشرة آلاف. على أن هذا الريع لا يكاد يذكر بازاء الدخل المؤمل لو كانت البواخر حسنة وسريعة لأن السريعة يكون مصرفها من جهة الإحراق أقل بلا ريب والريع أكثر؛ إذ تكثر النقليات ويزداد المسافرون. والبواخر العثمانية مع حداثة أعمالها نزلت إلى دركة سيئة نسبة إلى شركة لنج والسبب هو أولاً لأن الذي اشتراها وهو الموفد لذلك من الأستانة لم يكن يعلم درجة نزول المياه في دجلة أيام الصيف ولذا أخذت تتأخر خلافاً لبواخر شركة لنج.

ثانياً. لأن عملة البواخر العثمانية لا يخافون جزاء ولا يأملون مكافأة بخلاف غيرهم. أما الجزاء فإن الآمر ليس له كلام نافذ ولا يمكنه إخراج أحد من عمله ما لم يراجع المحاسبة فالدفتر دار فنظارة المالية. وأنت تدري إن الموظف (المأمور) الذي يعلم أن ليس لأمره قدرة على إخراجه من عمله إن قصر في خدمته كيف لا يتكاسل في عمله بخلاف المستخدمين في الشركات فإن إبقاءهم منوط بحسن خدمتهم فإن أحسنوا الخدمة داموا وإلا أخرجوا من وظائفهم بأدنى تقرير يدفعه عنهم الربان أو المدير أو غيرهما. ولذا تراهم محافظين على خدماتهم ومن ذا الذي لا يميز بين نظافة وخدمة بواخر شركة لنج والبواخر

العثمانية فبتحويل البواخر إلى الشركة المذكورة لا بد من أن تتحسن أحوالها ويدقق في أعمالها فلا يأمر وكيل الربان الباخرة بالوقوف في أثناء الطريق ليأخذ من العرب خروفاً أو نصف حقة من السمن ولو تأخرت الباخرة ساعة أو ساعتين وأحرقت ما تحرقه من الفحم مجاناً. ولذا يزداد الريع لعدم التبذير. وعليه أقول أني متأكد بأن ربع ما يرجع إلى الحكومة سيقابل عموم وارداتها الحاضرة بلا شك ولا شبهة

<<  <  ج: ص:  >  >>