ذراع بالذراع السوداء، لئلا يضيق عليه الدخول إلى المسجد إذا حضر المسجد في الجميع في جيوشه وجموعه وبخيلة ورجله، ومن كل صفٍ إلى الصف الذي يليه دروب وسكك فيها قطائع جماعة من عامة الناس، فاتسعت على الناس المنازل والدور، واتسع أهل الأسواق والمهن والصناعات في تلك الحوانيت والأسواق التي في صفوف المسجد الجامع.) اهـ.
وقد وجدت اليوم آثار تلك الفوارة حتى لم يبق ريب في أن هذا الجامع هو الذي بناه المتوكل، هذا فضلاً عن بقاء الملوية على حالها الأولى، وهي اقدم مئذنة في الإسلام، لأنها على طرز الزقورة التي كان يتخذها الصابئة من الكلدانيين والحرنانيبن والبابليين في بيوت عباداتهم وكان يسنيها العرب (الهيكل). ومنه كلام صاعد الأندلسي عن الكلدان: وهم نجوا لأهل الشق الآخر من معمور الأرض الطريق إلى تدبير الهيكل، لاستجواب قوى الكواكب، وإظهار طبائعها، وطرح شعاعاتها عليها، بأنواع القرابين القربة لها، وضروب التدابير المخصوصة بها.) اهـ. وكانت هذه الأبراج على سبع طبقات وكل طبقة بلون يوافق لون السيارة الذي خص بها. ويصعد إلى أعلاها من الخارج لا من الداخل وكل ذلك على شكل ملوي.
والظاهر أن المتوكل بنى تلك المئذنة على الصورة المذكورة تحويلاً للأنظار إليها للصائبة إلى دين الإسلام، لان الصائبة كانوا كثيرين في عهد الخلفاء العباسيين وقد برعوا في جميع علوم ذلك العصر ويحتمل أن يكون هناك سبب آخر لا يخطر ببالنا اليوم لان أسباب الحضارة