للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن جملة الأدلة التي تقنعنا باتخاذ الصقل ككتف بمعنى اللفظة الإفرنجية أن أبناء الغرب يقولون أن كلمتهم تفيد معنى الشخص المهزول كل الهزل الضامر الخواصر وهي كذلك في العربية فإذا قالوا فمعناه هذا صقل ولهذا لا نحتاج إلى أن ننطق بغير هذا التعبير المؤدي للمعنى كل التأدية. ويريد الإفرنج بكلمتهم المذكورة معنى الفكرة المجملة لما يريدون أن ينشئوه من الموضوع فيقولون أي مجمل فكرة المأساة. وأنت تتمكن من أن تقول في لغتك: صقل المأساة من باب المجاز كان للمأساة صقالا وصقالها مجموع فكرها غير حال بحلي الكلام على أنواعها وقد يطلق عندهم الصقل على مجموع خشب السفينة أو نحوها إذ يعتبرون عيدانها بمنزلة الخواصر للحيوان فإذا قالوا: هذا صقل السفينة فإنهم

يفهمون مجموع خشبانها. وكذا يصح هذا التعبير في العربية من باب المجاز.

فانظر إلى لغتنا هذه وغناها وكيف إنها تقوم بما تنتدب إليه بحيث إنها تناوئ أرقى لغة على وجه البسيطة بل تتحداها!

ومن ألفاظ وعند الإنكليز وهو نسيج خشن مهلهل يتخذ من قنب وقد يكون من غيره يستعمل لنوع من البسط ونسيج آخر يتخذ لأشرعة السفن. وأصحاب المعاجم الإفرنجية العربية قالوا: خيش وجنفاص وعندي أن الكلمة الإفرنجية (إنكليزية كانت أو افرنسية أو إيطالية وهي في هذه من أصل عربي وهو خنيف وهو أردا الكتان، لكن كتبة العرب العصريين جهلوا اللفظة العربية الأصلية فعربوا الإفرنجية بصورة جنفاص. وهكذا يتفق لنا أن نأخذ كلمتنا العربية عن أهل الغرب وهي عربية في نظر الإفرنج أنفسهم ككلمة الكحل فان الكلمة عربية فنقلها الإفرنج إلى صورة أو فقال فيها بعض ضعفاء الكتاب الكؤول والكحول والكول إلى غير هذه الروايات مع إنها عربية محضة ومعناها في الأصل الشيء الدقيق القوام، مهما كان ذلك الشيء سائلا أو جامدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>