والظاهر أن رجال الضفير أعلنوا حربا أبديا على عنزة وقد اشتهر عنهم انهم كانوا يبتدرون عنزة العداء في جميع حروبهم معهم. ويجدر بنا أن نشير هنا إلى أن الشيخ حمود كان ذا قوة وبأس عندما أبى الانضمام عام ١٩١٥ إلى عجمي باشا السعدون فكلفه حياده هذا انفصال بضعة فرق من عشيرته لا يعتد بها وتنقسم قبيلة الضفير إلى فرقتين رئيسيتين هما البتون والصامد وأكبرهما الأولى. وجميع رجالها عرب رحل لا يتعاطون التجارة. وعلاوة على ما عندهم من الإبل الكثيرة فانهم يملكون عددا عظيما من الأغنام وفي ديارهم عدد كاف من الآبار. وهم مسلحون بالبنادق الجيدة الحديثة الطراز. ويسابل رجال الضفير الكويت عادة. وعدد مضاربهم أربعة آلاف مضرب. ويقال أن عائلة الصويط (والصواب في كتابتها السويط تصغير سوط ل. ع) تنتمي إلى إشراف الحجاز.
أما قبيلة عنزة فتعد من وجهة قواها المادية اعظم قبيلة بين القبائل البدوية العربية. والبلاد
التي تقطنها وتسمى باسمها فواسعة جدا وتمتد من حلب إلى دير الزور فالخابور. أما سبب تسمية هذه القبيلة (بعنزة) فحسب ما يقال أنه نسبة إلى عنز أبن أسد الذي ينتمي إلى ربيعة، بطن من بطون نزار. ويدعى أن الجد الأول لهذه القبيلة كان وائل ربيعة الذي ينتمي إلى الفرع الأصغر من أسد. ويقولون أن عنزا هو مؤسس عشيرته. ولا يبرح من البال أن قبيلة عنزة لا تجتمع تحت لوآء زعيم واحد لأنها منقسمة إلى بطون وأفخاذ ومن تقاليدها مراعاة الواحد جانب الآخر.
ومع ذلك فيحدث في بعض الأحيان أن يشتبك شيوخ هاتيك الأفخاذ بعراك فيما بينهم على أن ألد أعداء عنزة هم قبيلة شمر الشهيرة. وهذا تاريخ القبائل العربية مملوء بوصف وقائعها الحربية وضغائنها وثاراتها المتأصلة بينهما.
ويحق لعنزة أن تتباهى بما تملك من جياد الخيول وأصائلها وكثرة ابلها وقد أبت هذه القبيلة أن تتسرب إليها روح المدنية فبقت على حالتها الطبيعية الغريزية التي كانت عليها منذ ما بزغ فجر التاريخ ولم تتشبث هذه القبيلة لامتلاك الأراضي الواسعة فاكتفت ببضعة بساتين نخيل قليلة وبنت لها منازل صغيرة بالقرب من دمشق الشام وامتلكت مزارع قليلة واقعة على نهر الخابور