صاحبه؛ فقال أحدهم مثلا: أسقطت المرأة؛ وقال الثاني: أجهضت؛ فجاء الثالث فقال: لا بل طرحت؛ ثم زاد الرابع مرادفا آخر وقال: دحقت. وهم كلهم أبناء عصر واحد أو يكادون من حيث الطب العربي. فأين وجه التعليل يا قوم؟ وإلى أين المفر يا أبناء عدنان وقحطان؟ افنلهو بجمع الألفاظ ونحن نتعلم الطب؟ أم نقضي الأعمار في تعلم مفردات اللغة؟ ثم هل نعترف بمعنى واحد لهذه الألفاظ التي افرغوا سيلها علينا؛ أم نقول أنها حروف وردت في لغة قوم دون قوم؛ أو في لغة قبيلة دون أخرى ولكل قوم وقبيل ألفاظ خاصة بها. أو نتخذها ألفاظا مختلفة لها معان خاصة بها ولكن غابت دقائق معانيها وفروق تراكيبها عن أصحاب المعاجم. ثم لما جهلوا ما فيها من دقائق تلك الفروق أفرغوها في قالب معنى واحد فقالوا ما
قالوا؟ - تلك أسئلة قد يعسر الجواب عنها جوابا شافيا. وأن كان بعضهم تمحلوا لها حلا سلوا به أنفسهم.
وهناك من الشطط الذي لا يغتفر، وهو ما ورد بعكس الحالة المذكورة أي تعبيرهم بكلمة واحدة عن أشياء مختلفة لا علاقة لها بعضها ببعض، حينما تعد اللغة العربية من أغنى اللغات السامية. مثال ذلك أن الكعب عند معظمهم العظم الناشز فوق القدم؛ وهو عند آخر: العظمان الناشزان من جانبيها. وهناك ثالث يخالف الأولين ويقول: كل مفصل للعظام هو كعب. . . إلى غر ما جاء في دواوينهم. ولا تظن أن للكعب هذه المزية من وروده بجميع المعاني أو بمعان عديدة بل هناك غيره. دونك الكعبرة مثلا فإنها تعني الكوع. وتعني الورك الضخم، وتعني اصل الرأس (انظر كيف انتقلنا من الورك إلى الرأس مع أن الواحد واقع في شمالي الجسم والأخر في جنوبيه) فما اعظم هذه الفروق وما ابعد الواحد عن الآخر في معناه ومبناه وسكناه!
ومما زاد اللغة العربية عجمة مخلوطة بغرابة ظاهرة تصرف الأتراك فيها فكانت نهضتهم العلمية والقومية بلية علينا فوق بلايانا فلقد شيدوا على دعائم آدابنا ولغتنا، معاجمهم ومؤلفاتهم ومدوناتهم، واستنبطوا من لساننا مفردات علمية وضعوها على غير وجوهها غير ملتفتين إلى قاعدة معقولة إذ (تركوها)