للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان إذ ذاك فيها ابنه الشاعر الأديب احمد عزت باشا العمري فحل ضيفا في بيته فألتف حوله الأكابر وحفت به عيون الأعيان؛ وأصبح في مغاني الزوراء فاكهة الأدباء؛ ونقل الظرفاء؛ وشمامة النبلاء: تتهاداه الأكف من مجلس إلى مجلس ومن ناد إلى ناد والناس يخفون إليه سراعا من كل حدب لسماع قراءته (المولد النبوي) يحيون الليلة بعد الليلة مفضلين التلذذ بأنغامه على لذة المنام. ولا ريب أن البغداديين من ارق الناس طباعا واشدها اهتزازا للأصوات الرقيقة والألحان الشجية كما هو مشهور في التاريخ ومشاهد اليوم؛ فلا

بدع إذا ما تعشقوا صوت الشيخ عثمان ولازموا مجلسه ملازمة الظل لصاحبه.

وبعد أن قضى زمنا في بغداد عزم على السياحة في العالم الإسلامي فشد الرحال إلى الحجاز لأداء فريضة الحج المقدسة. وذكر لي بعض الفضلاء أنه رأى في رحلة لكاتب تركي أنه كان في مكة يخطب في المحافل ويدعو الحجاج إلى الانقياد للعثمانيين وشد أزر الخلافة؛ فسألته عن اسم الرحلة وصاحبها لا تحقق جلية الأمر فلم يكد يتذكر. فإذا صح هذا فذهابه إلى الحجاز كان سياسيا بإيعاز من الحكومة.

ثم قفل إلى الموصل؛ وقرأ القراءات السبع على الشيخ محمد ابن الحاج حسن ثم قصد القسطنطينية وسلك لأمر من الأمور في الطريقة القادرية والمولوية. وحصل على مقام كبير.

ثم سافر إلى سورية ومنها إلى مصر للاجتماع بمغنيها الطائر الصيت عبده الحمولي فلازمه واستفاد من طريقته الحديثة التي وفق فيها بين المزاجين المزاج العربي والمزاج التركي؛ وقد رأيته كثير الإعجاب به حتى إذا ذكره زفر وبكى عليه. وقد اخذ في مصر القراءات العشر عن كبار القراء وأساتذة التجويد كما اعجب به المصريون وتتلمذ عليه كثيرون في الموسيقى التركي؛ كما جاء في كتاب الموسيقي الشرقي لمحمد كامل الخلعي وغيره. واصدر فيها مجلة لم تمتد حياتها حيث أوفده السلطان عبد الحميد إلى طرابلس الغرب لعجم عود الإمام السنوسي وسبر أغوار مقاصده السياسية فأحس السنوسي بالغرض من مجيء

<<  <  ج: ص:  >  >>