للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما حافظته فقد كان أمره فيها عجبا. حفظ ما شاء الله أن يحفظ من الشعر والقصص والنوادر، واستظهر في بغداد صحيح الإمام البخاري برمته. وذكر لي شيخنا علامة العراق الإمام السيد محمود شكري الالوسي رحمه الله أنه حاول أن يأخذ عنه العربية. قال: فاشترطت عليه حفظ كل ما القيه عليه وادرسه إياه عن ظهر غيب؛ فتبسم وقال: شرط عظيم! قال الأستاذ: فكان لا يمر على الدرس مرة واحدة إلاَّ ويحفظه بلفظه من غير أن ينقص منه أو يزيد عليه. . . ولقد رأيته يرتجل في المجالس الشعر ولا سيما (التواريخ) ارتجالا فيأتي سهلا لا كلفة فيه ولا يكاد يخطئ في التاريخ.

أخلاقه

كان رحمه الله طيب الحديث لسنا فصيحا لا يمله الجليس حلو العشرة وربما كانت تعتريه الحدة في بعض الأحايين فيتكلم بما يضحك الثكلى، ويذهب بثقل الحبلى، ولكن الغالب على طباعه سلامة الصدر وطيب السريرة وكثرة الوفاء والسخاء وعزة النفس والأباء إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التي حرمها اكثر العمي.

وكان صادقا في لهجته غيورا على مصالح أمته. ومواقفه الوطنية في الثورة العراقية أشهر من أن تذكر فقد كان الناس بحجة قراءة (المولد النبوي) يحيون الليالي في المظاهرة على الحكومة المحتلة ويتناشدون الأشعار الحماسية ويلقون الخطب الوطنية كأنها الشرر. فيأتون بالشيخ عثمان رئيس القراء فيفرع المنبر ويأخذ في ارتجال الشعر والخطب المحرضة حتى يترك الناس على اشد من الجمر ويدعهم يتلهفون للطعن والضرب في ساحة الوغى!

لباسه وخلقه

كان يلبس سروالا وجبة وبرأسه طربوشا أصفر طويلا كالذي تلبسه المولوية في فروق والشام ثم استبدل منه قبل وفاته بثلاث سنوات (الكشبدة) وهي عمامة فيها وشي.

وكان قوي البنية كبير الجسم ممتلئة ربع القامة اسمر اللون أشقر الشعر جهير الصوت بطيء السير يقوده أحد تلاميذه غالبا وكثير من الناس. وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>