ظهر من البحث أن الحمربيين هم أول من أسس المجامع العلمية والمحافي اللغوية في العراق أن لم نقل في العالم كله. وورث العرب عن أوائلهم الحمربيين إقامة الأسواق
ومجتمعات العلم والتجارة والمنافرة والمماجدة، فكانت أشبه شيء بمجامع العلماء ثم انتقلت من الحياة الجاهلية إلى الحياة الإسلامية.
فمن أسواق العرب الأدبية القديمة (سوق الحيرة) كان العرب يجتمعون إليها كل سنة للمماجدة. وقد جعل النعمان بن المنذر اللخمي لبني لأم الطائيين ريع الطريق طعمة لهم لمصاهرته إياهم بتزوجه منهم.
أما (المربد) في البصرة فهو أول معرض عراقي ومجمع علمي عظيم في الدولة الأموية حتى انهم نعتوه ب (عكاظ المسلمين) أقاموا فيه سوقا للآداب نظير أسواقهم في الجاهلية فتألفت فيه حلقات المناشدة والمفاخرة ومجالس العلم والآداب فكان الشعراء يؤمونه ومعهم رواتهم وكان لفحولهم حلقات خاصة أشهرها حلقة الفرزدق والراعي وكان الأشراف يخرجون إلى المربد لمثل تلك الغاية. وجرت فيه مناظرات البصريين والكوفيين ومماجداتهم. وقد زاره ياقوت الحموي في القرن السادس للهجرة وكتب عليه في سفره:(معجم البلدان) ما ملخصه:
(هو من أشهر محال البصرة، وكان يكون سوق الإبل فيه قديما ثم صار محلة عظيمة يسكنها الناس وبه كانت مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء وهو الآن بائن عن البصرة بينهما نحو ثلاثة أميال وكان ما بين ذلك كله غامرا وهو الآن خراب فصار المربد كالبلدة المفردة في وسط البرية. . .
(وينسب إليها جماعة من الرواة منهم سماك بن عطية المربدي البصري. . .