للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسة هم: أبو سليمان

محمد بن مشير السبتي ويعرف بالمقدسي، وأبو الحسن علي بن هرون الزنجاني، ومحمد بن أحمد النهرجاري، والعوفي، وزيد بن رفاعة.

وكانوا يجتمعون سرا تسترا عن الذين يخالفونهم ويضادونهم فقرروا في جلساتهم المتعددة خلاصة الفلسفة الإسلامية بعد أن وقفوا بين أبحاث الفلاسفة المسلمين والآراء اليونانية والهندية والفارسية، فتوصلوا إلى مذهب خاص أساسه أن الشريعة الإسلامية تدنست بالجهالات واختلطت بالضلالات ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلاَّ بالفلسفة لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية وانه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال.

ودونوا فلسفتهم في خمسين رسالة سميت (رسائل أخوان الصفا) وقد ضمنوها كل علم طبيعي أو رياضي أو فلسفي أو إلهي أو عقلي وهي تمثل الفلسفة الإسلامية على ما كانت عليه في إبان نضجها. ويظهر من دراستها أن مؤلفيها دونوها بعد البحث العميق والروية الطويلة. وفيها بحث من نوع فلسفة النشوء والارتقاء. وفي ذيلها فصل في كيفية عشرة أخوان الصفا وتعاونهم بصدق المودة والشفقة والغرض منها التعاضد في الدين وشروط قبول الأخوان فيها. وقد أغفل المؤلفون أسماءهم من هذا الكتاب بسبب أن الفلاسفة كانوا متهمين بالكفر في هذا العصر وكان الانتساب إلى الفلسفة مرادفا للانتساب إلى التعطيل حتى شاعت النقمة على المأمون نفسه لأنه كان السبب في نقل الفلسفة إلى اللغة العربية حتى قال ابن تيمية بعد ذلك: (ما أظن الله يغفل عن المأمون ولابد أن يعاقبه بما أدخله على هذه الأمة).

وطبعت هذه الرسائل في أوربة والهند ومصر، وأتقنها طبعة ديتريشي في ليبسك سنة ١٨٨٣.

ثم دب دبيب الفساد في جسم الحكومة العباسية في أواسط القرن السابع الهجري وأواخر القرن العاشر الميلادي فأنتقض حبل دولتها واستولى على البلاد المغول وأعقبهم العثمانيون بعد ذلك بنحو ثلاثة قرون فتدهورت اللغة العربية ودرست معالم معاهدها وامحت آثار محافيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>