للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقيقاهما فينبثق الفرات من عدة أمكنة أشهرها وأخطرها من موطن حول (المسيب) وهو مدينة وفرضة على الفرات، وعلى هذا الموضع سدة مهمة تعرف ب (أم الصخور) ثانيا من مكان في أعلى المسيب وعليه سدة كبيرة تعرف ب (السرية) لأنها أنشئت في عهد سري باشا ثالثا من مكان يقع بين بلدتي السماوة والناصرية. وتنخرق دجلة من محلات عديدة منها في

ظهر بغداد قريبا من (عقرقوف) ومن النهر المعروف ب (الجرية) قريبا من المدائن؛ ومن النهر المعروف ب (الحسينية) غربي (كوت الإمارة) وتوجد في الغراف أمكنة كثيرة تسمى (خرور) من كل هذه ينساب الماء زمن الطغيان فيستفحل أمر البطائح.

وقد استفحلت في عهد كسرى قباد بن فيروز فأنبثق بثق عظيم وقد كان هذا الملك واهنا قليل التفقد لشؤون الملك فأغفلها حتى رجع الملك إلى ابنه انوشروان فعمل القناطر والسدود وانكشف الماء عن بعض الأرضين وفي عهد الملك ابرويز زاد الفرات ودجلة معا فأفلت الماء وحاول الملك أن يسكره ففشل ومال الماء على العمارة وغشي المساكن والقرى ثم رجع أمر المملكة إلى بعض النسوة من الفرس فخارت العزائم وبقيت الأمور هملا فأتفق دخول العرب أرض العراق فانشغلت الأعاجم بالنزاع على الملك وكبرت آفة البطائح.

وفي عهد الحجاج علت الزيادة واتسعت الخروق وقدر إصلاحها فكان ثلاثة ملايين درهم فأستكثرها الوليد على بيت مال المسلمين إذ وجده إصلاحا غاليا ولكنه بقي يحاوله فأقطع مسلمة بن عبد الملك تلك الأرضين وقام بالأمر على نفقته. وفي عهد الدولة المباركة كثر الطغيان واشتد في زمن وزارة آل بويه أو إمارتهم وأهمل أمر البطائح فأتسع الخرق وهكذا ما زالت الفتوق تعاود حتى اليوم فإذا طفح الفراتان واشتد الطغيان حار الماء حتى يركب المعمور ويسف (أي يجري جريا سريعا) والعرب اليوم تسمي ذلك (موحان) إلا أنه أصبح أخف وطأة من قبل لأن المياه اشتد جريها إلى الأمام حيث يتكون شط العرب ولأن الفلاح العراقي عاد ملما بفنون الحراثة والزراعة فهو ينتفع به اكثر من أن يتضرر منه.

وقد أثرت في البطائح السدة الجديدة التي أنشئت على الهندية والجداول التي حولها؛ كما أثر فيها شط (الحفار) الذي كراه البريطانيون زمن حركاتهم الحربية

<<  <  ج: ص:  >  >>