للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاشتقاق والتعريب ليعرف منها المطالعون المنحى الذي ينحوه في عمله العلمي الشاق:

يقول الأستاذ معروف الرصافي في مقدمة كتابه المخطوط (الآلة والأداة) الذي أشرنا إليه في صدر هذا المقال:

(الاشتقاق في أسماء الأحداث ضروري لابد منه ولا يجوز أن يكون عدم السماع حجة في منع قياسه واطراده من وجوه:

(أحدها) أن عدم السماع لا يستلزم عدم الوقوع إذ يجوز أن يكون قد وقع وأن العرب قد نطقت به ولكنه فات الرواة فلم تروه ولم تنقله لأن نقلة اللغة اكثر ما يعتمدون في نقلها على الشعر ومن الجائز في الكلمة المحكوم فيها بعدم السماع أنها لم تقع في الشعر بل وقعت في

النثر الذي لم تضبطه الرواة ولم تنقل منه ولا عشر معشار فعلى القائل بالمنع أن يثبت لنا عدم الوقوع وإلاَّ فدليله مدفوع وكلامه غير مسموع.

(ثانيها) إننا أن سلمنا في كلمة من المشتقات أنها غير مسموعة وغير واقعة أيضاً اكتفينا في جواز استعمالها بسماع نظائرها المطردة المعينة فإن العرب أن لم تقل (حاب) من حب فقد قالت ساب من سب وعاد من عد وراد من رد إلى غير ذلك من الكلمات التي جرت في كلامهم على وجه الاطراد فمنعنا استعمال (حاب) بحجة عدم السماع تحكم في اللسان وتهكم بسماع نظائرها المطردة ورمي اللغة بالجمود.

(ثالثها) أن الاشتقاق أصل في أسماء الأحداث لكونه أمرا ضروريا بسبب ما يقع في معانيها من التبدل والتغير كما ذكرنا آنفا. . وإذا كان الاشتقاق هو الأصل وقد تعارض عندنا في بعض المشتقات دليلان أحدهما يقتضي المنع وهو عدم السماع والآخر يقتضي الجواز وهو القياس المطرد في نظائره وجب أن نرجع به إلى الأصل وأن نرجح دليل الجواز على دليل المنع لأن الأول مثبت للأصل والثاني ناف له.

. . . . فيجب علينا أن ننظر في هذه المسميات المستحدثة ولابد أن يكون لكل واحدة منها فعل تفعله لأنها لم تحدث عبثا فإن استطعنا أن نشتق لها من

<<  <  ج: ص:  >  >>