للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا وقع بعد ألف قلب همزة. وهو الممدود القياسي الذي لا شذوذ فيه كما يقول بذلك جمهور الصرفيين بل جميعهم. وهذا القدر يكفينا الآن لغايتنا فلنتقدم إلى هائنا العربية المتطرفة فنقول:

إن هاءنا الواقعة طرفا تكون من أصل الكلمة كأبه وبده وشده وجبه الخ أو زائدة ضميرا غائبا أو هاء تأنيث أو وحدة أو تكون ما اسميها (متحيرة).

أما التي هي من أصل الكلمة فتلفظ بلفظ أبجديتها أي كما تلفظ مبتدأ بها أو متوسطة ولفظها واحد في اللغات الثلاثة.

وأما التي هي زائدة ضميرا فتلفظ بلفظها الأبجدي تارة وتقلب همزة ثم تلين وتحذف بعد نقل حركتها إلى ما قبلها تارة أخرى. والقلب هذا يشترط فيه أن لا يؤدي إلى لبس ثم هو موقوف بعد ذلك على حسن اللفظة وسهولته على اللسان وإلاَّ كان من قبيل العبث الذي لا ترتضيه الفطرة ولا يدفع إليه دافع الطبع. كقولهم: ضربتو وضربتا (بإسكان الباءين). وما بوشي وماباشي، اختصارا من ضربتهو وضربتها. ومابهوشي ومابهاشي. ولكنهم قالوا فلان ما فيه عيب لم يجر على لسانهم في لفظ (فيه) قلب وقالوا للمؤنثة ما فيها عيب وما بها عيب أو مافيا. وما باعيب: حسبما يبدر إليه لسانهم وذلك لعدم وضوح الخفة بالقلب

والحذف وضوحا بينا كما هي واضحة في قولهم (مابوشي) فكاد تبعا ووفقا لذلك أن يستوي عندهم اللفظ الأبجدي والقلب (ثم الحذف) فتأمل ويغنينا ما ذكرناه عن كثير من التفصيل الذي لا يحتمله المقام وقد لا يصبر عليه كثيرون من القراء ويكفينا أن نذكر لهم أن المتكلمين منا الآن في العراق والشام ومصر ونجد والحجاز يجري على ألسنتهم ببداهة الفطرة أو بدافع الطبع الذي لا يغالب - ولا ينبغي أن يغالب - (على نحو مما أشرنا إليه) مثل ما جرى منذ مئات السنين على ألسنة العبران ودوّن في أسفارهم المقدسة أيام عزرا الكاتب ثم ما زال يجري عليهم أدباؤهم وعلماؤهم إلى اليوم (كما ارجح) بل كثير من مثل ذلك (أي تليين هاء الضمير وحذفها) كان يجري أيضاً على ألسنة العرب والأعراب الذين أخذت عنهم اللغة في صدر الإسلام ونقل إلينا غير واحد شيئا منه كما هو معروف عند أهل البحث والتحقيق فليراجع في مظانه التي لا تخفى على علامتنا

<<  <  ج: ص:  >  >>