للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العرب وسيدة العرب والأعراب أيضا بين مكة والشام تعلموا الكتابة من الأنباط والسريان؛ نعم كانوا أيضا يعاملون اليهود كثيرا في الحجاز وفي محطاتهم التجارية كلها آن إلى الشام أو إلى اليمن أو إلى العراق والجزيرة الفراتية ولكنهم كانوا اكثر مخالطة للسريان والأنباط وعنهم كما قلنا اخذوا الكتابة بل شكل حروفنا الأبجدية كما هو معلوم مأخوذ في الأصل عن

أبجديتهم ونسخ القرآن الباقية من أوائل المئة الثانية للهجرة شاهدة بذلك بل لا يزال محفوظا في كثير من حروفنا الحاضرة بعد كل ما دخل عليها من التحسين ما لا يختلف عن شكل الحرف السرياني إلاَّ اختلافا طفيفا.

كل ذلك إذا اعتبر فيه يدل على انهم كانوا يكتبون هذه الأسماء كما يكتبها السريان والأنباط أي بالألف وهو الأكثر أو كما يكتبها كتبة اليهود أي بالهاء وهو الأقل. ولا يعقل أن يفضل السريان والأنباط الصورة التي يكتب بها اليهود أعلام بلدانهم ومدنهم على الصورة التي يكتبون بها هم تلك الأعلام. فسوريا إذن واسيا وانطاكيا وسلوكيا وبمفيليا وفريجيا (أو فروجيا) غلاطيا وكيليكيا وإيطاليا ومكدونيا وليديا وكل ما هو من بابها أي من الأعلام السريانية أو النبطية أولى أن تكتب بالألف كما يكتبها أهلها. وأزيد فأقول إن جميع البلدان التي استولى عليها اليونان أولا ثم الرومان من بعدهم وكثر ورود أسمائها في الآداب اليونانية وفي مؤلفاتهم العلمية وبالأخص الأعلام التي وردت في جغرافيا بطليموس ونقلت إلينا عن مؤلفات السريان أو بواسطة علماء السريان كانت تكتب بالألف لأن السريان والأنباط كانوا يعتمدون في أبحاثهم على اليونان ويتابعونهم في كل شيء ولا متابعتنا نحن الآن الغربيين ولا سيما الإنكليز والفرنساويين؛ وليس عند اليونان تاء ولا هاء كهاء العبران وهب كان عندهم هذه الهاء فكتّاب السريان ينقلونها كما تلفظ أو قريب مما تلفظ أي ألفا لا هاء أسوة بأعلامهم.

ثم لما جلا الأندلسيون عن أسبانيا وتشتت علماؤهم في شمالي أفريقيا ومصر والشام وألّفوا وتلمذوا اختلطت الصورتان وعاشتا معا ولكني ارجح أن الصورة السريانية كانت اكثر شيوعا لكثرة الآخذين بها فإن الشام ومصر وشمالي

<<  <  ج: ص:  >  >>