وكذلك نتسامح مع الأب الفاضل في الأعلام المنقولة عن بطليموس وعن هيرودوتس وأمثالهما الأول في جغرافيته والثاني في تاريخه إذا كانت تلك الأعلام من الأعلام الأعجمية البحتة لأننا نقول إنا لسنا على يقين فيها وقد حصل الإجماع من جمهور علمائنا المتقدمين أو ما يقرب من الإجماع أنه يجوز لنا أن نتصرف بعض التصرف في هذه الأعلام بما يجعل لفظها سهلا علينا ويقربها من ألفاظنا العربية. إلاَّ أن كل هذا من قبيل الجواز الذي لا يجوز أن ينقلب إلى وجوب وعليه فالأب الفاضل لا يجوز له أن يوجب علينا كتابة إيطاليا مثلا بالهاء ولا أفريقيا ولا ليبيا ولا نوميديا ولا ولا الخ. ونحن نتسامح معه أن يترك الأفضل إلى المفضول احتراما له والمكانة العلمية والأدبية عندنا.
أما الأعلام الحديثة كأميركا وفلوريدا وداكوتا وبناما وبتاغونيا وروديسيا من أعلام الأمكنة
وجوليا وفكتوريا وروجينا من أعلام النساء فأهل تلك الأعلام المكانية وأصحاب الأسماء أنفسهم يكتبون أعلام بلادهم وأعلامهم هذه بالألف وليس في الفهم أدنى شبه بهائنا في مومنه أو في حمامه ويمامه. نعلم ذلك عن يقين. فإن كان الأب انستاس يفتات على القوم في لغتهم وكتابة أعلامهم فليس لنا أن نقول إلاَّ أنه مفتات. وهذا اعظم احتجاجنا عليه لأنا لا نستطيع أن نذهب به إلى غير هذا السجن.
لو كان لنا ربح فيما يفتات به الأب على القوم في أسماء بلادهم وأسمائهم لأتبعناه في افتياته وشكرناه عليه. لكن أي ربح لنا يا ترى في كتابة فيكتوريا مثلا بالهاء ومعاملتها معاملة ذوات الهاء في إظهار علامة الإعراب؟ أنا فقط نزيد مقطعا على مقاطعها فنزيد من ثم صعوبة اللفظ بدون أدنى حاجة إلى تحمل هذه الصعوبة. انظر الفرق بين أن نقول - كانت المرحومة فيكتوريا العظيمة احسن قدوة لنساء شعبها - وبين أن نقول - كانت المرحومة فكتورية العظيمة احسن قدوة لنساء شعبها - فأنظر كيف افسد زيادة هذا المقطع سهولة اللفظ في اللفظة وحسن الرصف في العبارة كلها