تأليف محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي، طبع في المطبعة الحديثة بدمشق ١٣٤٣هـ ١٩٢٥م، الجزء الأول في ٣١٤ ص بقطع الربع.
١ - تمهيد
وضع العلامة الكبير، صديقنا محمد كرد علي سفرا يكون له أبد الدهر أثر فخر وذخر. كما سيكون مستمدا لكل من يأتي بعده. ويكتب شيئا مفيدا عن سورية.
ولمثل (خطط الشام) لا يتصدى إلاَّ طائفة من العلماء تفرغت للتاريخ والتفريع (جغرافية) والعلم والأدب، وما يتشعب أو يتولد من هذه الأمهات. إذ مثل هذا التصنيف في عصرنا يتطلب وقوفا تاما على ما كتب في مواضيعه المتشتتة. ويختار منها ما يوافق الصدق والتدقيق. وهذه الأمور لا تتيسر إلاَّ لنفر يعد على الأصابع.
ولما كان بعض الرجال قد رزقوا حظا وافرا من المواهب حتى أن واحدهم ليقوم بما يرزح
تحت عبئه جماعة، رأينا حضرة الصديق في مقام عدة رجال فتولى بنفسه وضع هذا المصنف الفذ من نوعه وشحنه فوائد بل فرائد، فجاء حافلا وافيا بما انتدب له، فأدى الخدمة أحسن تأدية.
(خطط الشام) بحر زاخر واسع المنبسط يحوي كل ما يتمنى القارئ أن يحصل عليه من المعارف التي تتعلق بتلك الديار العربية المحبوبة أن في الماضي وأن في الحاضر وأن في المستقبل.
وهل من العجب بعد هذا أن نرى أناسا يحسدون المؤلف على كنزه هذا الثمين فيحاولون أن ينزعوا من صاحبه كل ما له فيه من الفضل المحسوس. والتضلع الملموس؛ وما ذلك إلاَّ لقصورهم عن الإتيان بمثله أو بما يقاربه نسجا ووشيا فلم يبق لهم إلاَّ الحسد وهذا هو بضاعة كل قاصر ضعيف عاجز.
إننا نهنئ صديقنا الأستاذ بما نمنمت أنامله اللبقة ونتمنى له كل فوز ونجاح! على أن لكل كاتب آراء قد تكون خاصة به دون غيره. وقد تتفق وآراء