للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متوسط يحيط به قاعة كبيرة من الخشب تؤدي إلى الغرف العليا وكان من العادة أن بناء البيت يعيشون في الطبقة العليا وفي طبقة البيت السفلى غرفة الاستقبال وخزائن البيت والمطبخ ومنازل الخدم. وجدنا الغرف العالية وأحد السلالم محفوظة إلى الآن وعلوها عشر أقدام وكان يرتقي إليها في بادئ الأمر بسلم من خشب يتصل بسلم من حجر. ولأجل ذلك كنت ترى الغرف في الطبقة الأولى على علو اثنتي عشرة أو خمس عشرة قدما. ولو إننا لا نرى الآن اثر زخرفة فيها إلاَّ أننا نشاهد جدرانا بسيطة مزخرفة بعض الزخرفة عليها جص أو ما يشبهه ولهذا لا نخطئ أن قدرنا أن أثاث البيت كان يناسب عظمة البناء.

هذه أول مرة كشفت منازل خصوصية كانت تسكن في ذلك الزمان وهذا الكشف غير أفكارنا بتاتا عن حالة معيشة الناس في ذلك العصر. أمامنا عدة منازل متفرقة هي عبارة عن اكاريس تقسمها شوارع منفصلة ضيقة والمنازل الواسعة التي كانت للأغنياء ترى في صف المنازل التي تحتوي على أربع أو خمس غرف وكان أصحابها جيرانهم الفقراء. ويسهل علينا أن نتصور سكان الفناء والغرف المهدومة لكي نتمكن من أن نعلم ما أحاط بالناس الذين كانوا يسكنونها في الزمان الغابر حينما كانوا يكبون على مطالعة لوائح

الجذور المكعبة وقد حيرتنا غرفة واحدة طويلة ضيقة رقمناها بعدد ٧ في الشارع الهادئ.

وكان من المألوف في ذلك العهد أن تدفن الموتى تحت المنازل التي كانت تسكنها في حياتها وكثيرا ما لقينا تحت أرض الغرفة توابيت من طين أو سراديب من آجر للموتى تحتوي على جثة وآنية فيها تقادم وطعام للسفر إلى الآخرة، وربما أيضا نجد فيها ختم صاحب المنزل وقد امتازت هذه الغرفة بوجود مشكاة أو روزنة في الحائط إلاَّ بعد وأمام تلك الروزنة أكوام من حجر تشبه مذبحا. ووجدنا حواليه تحت التبليط نحو ثلاثين اجانة كبيرة فيها عظام أطفال.

وليس في معبودات الشمريين إله ك (مالك أو ملك) يطلب ذبائح أطفال ولأجل ذلك يعز علينا أن نظن أن في مدة قصيرة ومن بيت واحد يموت ثلاثون طفلاً موتا طبيعيا.

أفيمكن إننا عثرنا على مقام مقدس في ذلك البيت وقد خصصت ذخيرة بيتية بأحد الآلهة شفيق بالأطفال. فكان الأصدقاء والأقارب تأتي بأطفالهم لدفنهم فيه؟ فإن كان الأمر كذلك فيمكننا أن نستنتج إنه كان للشمريين في عصر إبراهيم الخليل شعور إنساني وجداني اكثر مما تدلنا عليها النصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>