نظرت تجاه السائرين أشعة ... تبين وتستخفي لنا تارة أخرى
فزحزحت عن عيني الكرى ونظرت عن ... نواظر عن صنعا تلوح لها بصرى
وقلت: أتلك الشمس أرخت ثيابها ... وألقت عليها من أشعتها سترا؟
أم انتشرت نار الكليم لناظري ... على طور سينا والفؤاد بها أدرى؟
أم البرق في تلك العراص تلألأت ... لوامعه حتى أبان لنا فجرا؟
فراجعت خضر القلب عن درك ما أرى ... يبين لعيني كي أحيط به خبرا
فقال: إذا أخبرتك اليوم سره ... وأنت كليم القلب لم تستطع صبرا
فقلت: ولو أخبرتني لوجدتني ... صبورا ولا اعصي لما قلته أمرا
فقال: هو القصر المنيف الذي علت ... على القبة الخضراء قبته الصفرا!
هو المرقد السامي الشريف الذي حوى ... محيا أبي السبطين والغرة الغرا
فالق العصا في بابه وأنخ به ... قلوصك وانزل عند همته الكبرى!
فهاجت بنا نار الغرام وقد جرت ... مدامع تصلي نارها مهجتي حرا
وما ثم إلاَّ نفس وجوانح ... تطير وأنعام طوت دونه البرا
إلى أن أتت (خان العقيل) خيولنا ... وبتنا بقرب البئر نستوجب البرا
ولما رأينا الفجر سرنا بسرعة ... إلى بلدة ضمت بها الحيدر الطهرا
وقال من قصيدة يذكر بها مصاب بغداد بالوباء ويحن إلى سالف أيامها الغر:
أبيت ولي وجد حرارته تعلو ... ودمع له في عارضي عارض وبل
واطوي على جمر وأغضي على قذى ... واشغل أعضائي وقلبي له شغل
إذا الليل وافى ضقت ذرعا إلى الحمى ... وفاضت شؤون ليس يعقلها عقل
حداني إلى الزورآء شوق مبرح ... وماذا الذي حدثت عن حالها سهل
إذا ما نبت دار السلام بأهلها ... فلا جبل يؤوي الكرام ولا سهل
وإن كسفت شمس البلاد وبدرها ... فليس لنا في نجمها منزل يعلو
وإن قلص الظل الذي في جنابها ... فأين من الرمضاء في غيرها ظل؟
وإن نضب الماء النمير بأرضها ... فأي شراب في مواها لنا يحلو؟
مصاب عراها لا أصيب بأهلها ... فأنهم للمكرمات بها أهل
ديار بها نيطت على تمائمي ... قديما ولي فيها نما الفرع والأصل