مصر نكون غير منصفين إلا أنه يجوز لنا أن نقول أننا وجدنا بين هذه البقايا بعض العروض لا تسبق كنوز (توت أنخ آمن) بألفي سنة بل تناظرها مهارة وحرفة وفناً.
وأهم ما عثرنا عليه قطعة مرصعة عليها ثماني قطع من الصدف: أربع منها مزخرفة برسوم مخططة والأربع الأخرى محفورة بكل دقة وعليها صور حيوانات والخطوط المحفورة محشوة ألواناً والحيوانات ملونة بالأسود وأرضها حمراء ويحيط بالصدف خط دقيق من حجر الكلس الأحمر وخط من حجر اللازورد ووجدنا أيضاً قطعة أخرى مشغولة أكثر إلاَّ أنها دون الأولى فناً. ويمكننا أن نعدها مائدة ملكية للقمار وعليها عشرون صدفة
ورسوم كلها خطوط والخطوط محشوة معجونا أحمر ولازورد ويحيط بالخطوط لازورد وعاج وصدف وقد استخرجنا هذه القطعة من أقدم القبور.
لقبة الموسم
عثرنا عن أثمن قبر في أواخر موسم شغلنا ولما أردنا أن نحفره اضطررنا إلى أن نبقي عشرة عملة بعد ما كنا قد صرفنا زملاءهم وعلى عمق ثماني عشرة قدماً عثرنا على كنز من مواد نحاسية وعلى أسلحة موضوعة بين خطين أبيضين رقيقين يدلاننا على أثر البواري، ووجدنا هناك طوائف (طقوما) كاملة من أقلام الحفر (أزاميل) وحزماً ثقيلة من نصول الرماح ومعها قلما حفر (ازميلان) ونصل رمح من الذهب الخالص.
فتتبعنا أثر البواري فوق فسحة أكبر مما كنا قد حفرنا إلى الآن فعثرنا في أثناء الحفر على مقدار كبير من الأسلحة النحاسية وأكثر فأكثر من الرماح ووجدنا من السهام ما يملأ كنائن ووجدنا أيضاً رؤوس رماح وصولجاناً ورؤوس فؤوس وقطعاً من القسي وغيرها من العروض التي لم نتمكن من تحقيقها. ثم وجدنا مبعثراً في الأرض خرزاً وقلائد من الحجر الكريم المصقول كالياقوت واللازورد وذهباً، وبعض هذه القلائد مصنوعة صنعاً فاخراً، ووجدنا أيضاً رباطاً من ذهب لربط القوس وقدوماً من ذهب مصمت يدها من خشب مطلية بجص أحمر ومربوطة بذهب رقيق. ووجدنا في آخر الأمر على حدة وشاحاً من فضة ومعلقة به علبة من ذهب للحلي والعلبة مزخرفة ومخرمة. ووجدنا فيها منتاشاً (ملقط شعر صغير) على حاله وملعقة وخنجراً صغيراً. وكل هذه العروض من ذهب معلقة بخاتم من الفضة، ووجدنا أيضاً خنجراً آخر وهو لقية الموسم، مقبضه قطعة من لازورد مشبع اللون، وهو مرصع بالذهب، ونصله من ذهب مصقول، وغمده من ذهب مصمت، وخلف الغمد ساذج أو قل فيه خطان من الخرز البسيط، ووجهه قطعة من نقش مشبك. وهذا الخنجر باق على حالته الأصلية ولما أخرجناه من مدفنه - وكنا نخرجه رويداً رويدا - كان ذلك أحسن مكافأة لنا في هذا الفصل من السنة ولما بذلنا من الجد والسعي، ولو استخرج هذا الخنجر في أي عصر كان، لتعجبنا من مهارة صناعته وصياغته فكيف لا نتعجب حين نعلم أنه صنع قبل ٥٥٠ سنة؟ فهو بلا شك من أقدم نموذج من الصياغة.