كل أديب يحترم نفسه ويفهم معنى النقد الأدبي وحاجتنا أليه.
ولا غرور بعد ذلك إذا سمعت الأستاذ محمد لطفي جمعة الأديب المصري الشهير يقربان مجلتكم عنوان النهضة الأدبية السليمة في العراق، ومفخرة جديرة بحرص العراقيين عليها،
كما سمعت مثل هذا التقدير من أخطاء (رابطة الأدب الحديد) بالإسكندرية وفي الواقع يعوزنا نحن المصريين انتشار مجلة أدبية مستقلة النزعة نزيهة الفكر مثل (لغة العرب) بيننا، وما احسب الأقطار العربية الأخرى كسورية ولبنان وفلسطين والهند والحجاز ونجد واليمن وطرابلس وتونس والجزائر ومراكش وغيرها بأقل حاجة منا إليها، وأنها الأمانة في عنق كل غيور على اللغة والأدب في هذه الممالك والأقطار أن يسعى لينشرها بين اقرأنه، وبذلك نضمن لها الحياة القوية المنجبة ونتعاون على تهذيب اللغة والثقافة العربية ونخدم نهضة الأدب العصري خدمة صادقة.
وبودي أن لا ينسيني الاغتباط بنهضة مجلتكم الزاهرة أن اشكر لكم تشجيعكم السخي لحركة التجديد الأدبي واستعمال الألفاظ المولدة الشائعة والتعابير العصرية المهذبة التي تزيد ثروة اللغة نمواً كما تعبر عن ذوق العصر، ومن هذا القبيل كلمة (تبرير) التي أشرتم إليها، فأنها في اصلها اللغوي بمعنى النسبة إلى البر، ولكنها في استعمالها العصري الشائع بمصر على أقلام مشاهير الأدباء تؤدي ترجمة كلمة وترادف بعض المرادفة كلمة (تزكية) أو كلمة (تأييد) ومن هذا القبيل أيضاً قولنا: (هذا اقرب إلى الهزل من الجد) فأنه أقوى من التعبير المألوف (هذا اقرب إلى الهزل منه إلى الجد) لأن التعبير الأول إنما يشير إلى الهزل بعينه، فقديماً قال لنا المثل الفلسفي (خلق الهزل والجد توأمين) أي أن الجد قد يظهر في مظهر الهزل أو قد يجاوره، وإذا كان هذا كذلك، كان مغزى ذلك التعبير الأول الإشارة إلى الهزل بعينه إشارة المبالغة القوية ولكنه في الواقع ليست هناك مبالغة في إعلاننا أن النقد الأدبي في العالم العربي ما يزال بوجه الأجمال هزلاً في هزل وعبثاً وسخرية، ولو لم يكن لمجلة (لغة العرب) من مهمة سوى خلق الشجاعة الأدبية وخدمة النقد الأدبي بإخلاص