للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه من الوقوف على أسرار الكون، وهتك أستارها، وقوف يدل على ما كان لهم من اليد الطولي في العلم والعمل. - اجل: انك أن رأيت هذا كله فاعلم رعاك الله، أن الحياة تجري في روق تلك الأمة وان تلك الحياة هي حياة مادية وأدبية وعلمية معاً.

وغير خفي على قراء (لغة العرب) أن العراق هو مهبط الأمم الكبيرة، ومنبع العلوم الغزيرة، في سالف القرون الغابرة، والعصور الدابرة، ففي العراق كان بناة القصور الشاهقة، ومشيدو الصروح السامقة؛ في العراق كان أصحاب الحدائق المعلقة، والجنان ذوات الأشجار الباسقة؛ في العراق كان سباق الأقوام إلى العلوم المتنوعة؛ في العراق نشأ حملة الأقلام الرائعة؛ في العراق ظهر اعظم الرجال وأشهر الملوك؛ في العراق بدا أولوا العزائم والأعمال وخيرة أهل السلوك.

كيف لا وقد كان في هذه الديار من الملوك من إذا سمعنا التاريخ يروى لنا أعمالهم، ويورد على أسماعنا أخبارهم وسيرهم، نقول: أن هذه إلا حديث خرافة أو من أساطير وأقاصيص الأولين، أذلا تعن ليال، ولا يخطر على الأفكار منها خيال. ومع ذلك فإننا إن أوغلنا في البحث عن حقيقتها، لا نصدر عن مواردها أو مشارعها إلا رواء، بل ومتضلعين منها.

ثم إننا لو فتشنا عن هذه الأخبار والأعمال تفتيش متتبع الحقائق ومتوخيها، وتحدينا ما فيها من العبر المعجزات، والأنباء البينات،

<<  <  ج: ص:  >  >>