للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظلمات والكنوز الخفية المستترة يا من القدرة طوع أرادتك، والسلطان مسخر في خدمتك والكون لك مقدس والعالم لك معبد. ويا أيها الإله (بل) يا رب العالم يا من بيده مفاتيح الأقاليم ومقاليد الأصقاع والبلاد والممالك، يا من تخضع له الأرواح صاغرة، يا من يلتجئ إلى ربو بيتك العبيد والضعفاء، ويا أيها الإله (ايا) يا رب العقول ومرشد الإفهام يا رب العالم المنظور وسيد الكائنات، وينبوع العلوم ومعدن الشرف، وأصل الحياة، نستمد من أنوارك الإلهية الرشد والعون والأيد، أيتها الآلهة الثلاثة انظروا عطفا على جبلتكم وصنعة أيديكم التي ترزح تحت البلايا والمصائب ارحموها رحمة واسعة.

بينما كانت شميرام تقوم بالصلاة كان (بيروس) الكاهن الكلداني يرمقها بنظره ويحاول أن يكشف ما في نفسها ويقف على ما في ضميرها. وزاد رغبة في ذلك حين رأى عليها ملامح الحسن والجمال فصبت إليها نفسه وخفق قلبه شوقا وغراما. فأخذ يفكر طويلا في العامل الذي حمل تلك الفتاة على التنهدات والزفرات وأنت تعلم أن الكاهن الكلداني فطن لبق في استمالة الشعب وله مقدرة فريدة على إغواء القوم وقراءة مخبئات صدورهم. وكان موقف شميرام أم يدل على شيء مما في نفسها إذ كانت في الهيكل أشبه شيء بالحمامة

الساجعة على فنن الشجرة تغرد مستعطفة أليفها. فحف إليها مترنما طريا وقد أسكرته الخمرة التي شربها منذ الصباح وعبقت فيه أنفاس الحميا فمر بين الجمهور يميد ويتمايل وهو يسارق النظر إلى الغادات فتثير في قلبه ثائرات الشعور. فتقدم من شميرام وقال لها: أيتها الفتاة عدي الإله (بل) وعدا صادقا بأن تخصصي نفسك له ليلة تقضينها في هيكله في التهجد والعبادة فيزورك ويقدسك وهو يرأف بلا مرية بشيبتك وينيلك رغبات قلبك فهو شفيق رحيم ولا سيما يعطف على عبداته اللواتي يخلصن له النية. وعديني بالقرابين والضحايا وأنا ألقنك صلاة الآلهة (إشتر) إلاهة اللذات والتناسل فتشفق عليك وعلى شعورك وغرامك فتظفري بموضوع حبك.

وكانت ظواهر البشر تلوح على وجه شميرام وكل لفظة من لسان ذلك الدجال كانت تبعث وميض الرجاء في نفسها وتحيي ميت آمالها فارتاحت إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>