للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الارمية والعربية. أما بيت فمدلوله واحد في الألسن الثلاثة. وأما لحم فالعبريون يلفظون حاءه خاء أي (لخم). وأما العرب والارميون فقد أبقوا لفظها حاء. والعبرية والارمية متفقتان في ما ضمنتاه في لفظه من المعنى أي (الخبز) أما العربية فتخالفهما في تلك الدلالة ذا أن كلمة لحم لا يراد بها الخبز بل هذه المادة المرنة الداخلة في تكوين أجسام الحيوانات الصالح أكثرها لأكل

البشر. إلا إننا إذا تقصينا في معنى هذين الحرفين في عريق الأزمان اطلعنا على موادهما الأصلي وعرفنا تطوره وكيف نشأ اختلافه في هذه اللغات.

أما البيت فهو اسم مشتق من فعل (بات يبيت) المشترك في جميع الألسن السامية ودلالته: قضى الليل في موطن من المواطن. وإذا كان الساميون في عصر بداوتهم يبيتون تحت الخيم سميت الخيمة (بيتاً) وأطلقوا اسم البيت بعد تحضرهم على المنزل سواء أكان من مدر أو حجر. على إن الناس كانوا ولا يزالون يسكنون معاً لفطرتهم الاجتماعية ولذلك شمل اسم البيت كل طائفة من المنازل أو كل قرية أو ناحية نزل فيها حي من الأحياء أو قبيلة من القبائل ولنا على ذلك في اللسان الارمي وفي البلاد الفلسطينية واللبنانية والعراقية وهي من المواطن المألوفة للساميين أمثلة كثيرة منها: في فلسطين: بيت فاجي، بيت جالا، بيت جبرين. وفي لبنان: بكفيا، برمانا، بيت الدين. وفي العراق: باجرمي، بحشيقا، بحزاني. (والباء في هذه الأسماء مقطوعة من بيت) واسم بغداد عينه. فانه - كما حققه الأستاذ غنيمة وطنينا المدقق - مركب من لفظين وهما: (بيت كدادا) ومعناهما في الارمية: بيت الضان أو حظيرة الغنم.

أما (لحم) وإن دلت على الخبز في العبرية والارمية وعلى اللحم في العربية إلا إنه يسهل علينا التوفيق بين المعنيين ورفع الشبهات إذا عرفنا أن كلمة (لحم) في العبرية لا تدل على الخبز إلا من باب التقييد وأما معناها المطلق أي القديم فهو الطعام أو القوت. وهو هذا المدلول عينه في اللغة السامية أم هذه الأخوات، أما بعد تفرق الشعوب السامية فقد تطور مدلوله - وإذ كان الخبز واللحم المادتين الشائع استعمالهم للعيشة بين البشر وكان اللحم أوفر عند العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>