للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرض الحائط وظهر الأرض إلا أن ضعيفات التقوى والأيمان منهن ظللن عاكفات على حملها دائبات على اقتنائها والاعتقاد بالشيء أن لم يكن أيمانا بالفعل فأيمانا باطمئنان العاطفة. ومن الصعب سلب الأيمان من الصدور.

الخرز التي تستعملها النسوة في العراق

والنساء العراقيات - حتى المهذبات منهن - قويات الاعتقاد شديدات التمسك بالخرز يبذلن

الذهب الوهاج في اقتنائها ويتهالكن على الحصول عليها. وفي العراق سماسرة من المشعوذين الدجالين من النساء والرجال يتاجرون في الخرز ولا سيما القابلات واللواتي يقرأن منقبة المولد النبوي ويتلون فاجعة الحسين وينحن في المآتم والمناحات فهؤلاء قد اثرين وحصل لديهن المال الوفير ولهن مهارة وحذق خاص في التسلط على عقول النساء وإقناعهن بفوائد الخرز واعرف في بغداد امرأة غنية سليلة بيت أرستقراطي قد ابتاعت خرزة بعشرة جنيهات وكانت فرحة جذلة بها.

والمتزوجة تحملها لتبقي حب زوجها لها وأما البكر فلتكون جميلة في أعين الناس وليسرع أمر زواجها والعزباء لتقتنص لها بعلا جديدا وليس الاعتقاد بالخرز مقصورا على النساء وحسب ففي العراق رجال كثيرون يحذون حذو النساء.

وقد حدثني أستاذي الشاعر الفيلسوف جميل صدقي أفندي الزهاوي حفظه الله عن رجل جاء إليه ذات يوم - وكان من كبار رجال الجيش في العهد العثماني - وكلمه بلهجة المتوسل قائلا:

(علمت يا مولاي أن لكم سلطانا على الجان أفلا تسألون الجان الذين هم طوع إشارتكم والمؤتمرون بأمركم عن هذه الخرزة؟ وأنكم بفعلكم هذا تطوقونني بإحسانكم)

قال الأستاذ: فاعتراني الدهش فأخذت أقنعه بان هذا سخف وجهل وحذار أن يسمع (القومندان) بطلبك هذا فتنال إهانة وسخطا من أمرائك ولما لم استطع أن أقنعه تركني غضبان مدمدما وكانت شهرة هذا الأحمق في بغداد (بونجوقلي اشك) أي (الحمار المعتقد بالخرز).

<<  <  ج: ص:  >  >>