للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكن تظنه الظنون ... الليث والعقاب والدلفين

ولكن لشؤم الطالع الذي تولى تاريخ الصناعات في الشرق العربي لم ينته إلينا في ما بأيدينا من كتب الأدب والتاريخ شيء من صنعة هذه المراكب وتفصيل عمارتها مع ما كان لها وقتئذ من الخطورة وجلالة الخطب وتعدد دور الصناعة لها في الإبلة ومصر وعكا وصور.

فلابد لنا من الاكتفاء ببعض الإشارات التي نلمحها في الشعر لذلك العهد وان كانت لا تدل على كبير أمر. وقد وجدت لجانب منها ذكرا لا يخلو من بعض الفائدة في شعر أبي نؤاس مرآة البيئة العباسية وهو قوله يمدح الأمين وصف به حراقتي الليث والعقاب:

سخر الله للامين مطايا ... لم تسخر لصاحب المحراب

فإذا ما ركابه سار برا ... سار في الماء راكبا ليث غاب

أتسد باسط ذراعيه يعدو ... أهرت الشدق كالح الأنياب

لا يعانيه باللجام ولا السوط (م) ... ولا غمز رجله في الركاب

عجب الناس إذ رأوك على صو ... رة ليث يمر مر السحاب

سبحوا إذ رأوك سرت عليه ... كيف لو أبصروك فوق العقاب

ذات زور ومنسر وجناحي ... ن تشق العباب بعد العباب

تسبق الطير في السماء إذا ما (م) ... استعجلوها لجيئة وذهاب

وقال يمدحه أيضاً:

قد ركب الدلفين بدر الدجى ... مقتحما في الماء قد لججا

لم تر عيني مثله مركبا ... احسن أن سار وان عرجا

إذا استحثته مجاذيفه ... أعنق فوق الماء أو هملجا

قال الاصبهاني راوي الديوان قال أبو هفان (اتخذ محمد (الأمين) الدلفين والغرابية والجرادية والكوثرية) (ص٦٧١ - ٧٧١)

ومما يزيد في نكاية هذا الداء، داء سكوت الكتبة والمؤرخين عن كل ما يتعلق بالمهن والصناعات والحرف والتجارات، أنه لم يتصد أحد من المشتغلين باللغة لأفراد رسالة أو مقالة يستوعب فيها كل أسماء المراكب والسفن وأدواتها

<<  <  ج: ص:  >  >>