للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالألحان الخاصة، والاشتقاق، والتواقيع، والحذف، الإضافة، والزيادة، والنقص، على غير العادة الجارية باللغة العربية الفصحى، وخلاف القواعد المقررة لها، والنطق بها من غير المخارج الطبيعية والإبدال، والقلب، وغير ذلك من أنواع المغايرات، والخصوصيات الشائعة في أدب العامة المنتشرة، والمتفشية فيه، وهذا البعد بين اللغتين العامية والفصحى، لم يكن إلا من جهة اللفظ فقط. أما المعاني العشرية فهي واحدة في كلتا اللغتين الفصحى والعامية من دون فرق ولا اختلاف.

ومن مزايا أدب العامة وخواصه أن شعرهم هو الواسطة الوحيدة التوخاة لمعرفة ما للسواد الأعظم من الأفكار والعادات. فإذا أردت أن تعرف عواطف السواد الأعظم من كل أمة، ومقدار تأثرها في نفوسهم، وعاداتهم التي ألفوها منذ اجيال، والمنازع التي ينزعون إليها، فانظر في أدب عوامها فأنها هي التي تمثل لك حالتهم الاجتماعية تمثيلا صحيحا لا غبار عليه.

فمن هذه الوجهة يكون (الأدب العامي) هو (الشعر الصحيح) إذ هو كالمرآة تنعكس فيها حالة السواد الأعظم، ظاهرة للعيان، بما يتضمن من ضروب أمثالهم، وعاداتهم، وأخلاقهم.

و (الشعر العامي) كشقيقة الفصيح يهز العواطف، ويدمع الجفون، ويفعل في القلوب، ويشرح الخواطر، ويطرب النفوس. مع ما فيه من الركاكة، وبلبلة اللغات في نظر الفصيح.

وقد انتشر هذا (الشعر العامي في أرجاء العراق، وعلى الأخص في الفرات منذ القرن عشر للهجرة على ما يقص الشيوخ وتحدث الشيخات. ولم نقف على مستند تاريخي لهذا القول. كما أننا لم نقف على أول من نظم في (الشعر العامي) مع كثرة بحثنا وسؤالنا من الناظمين فيه كثيرا ومن الأعراب أهل البوادي وغيرهم.

وللشعر العامي أساليب جمة، وطرق عديدة، وأوزان شتى. وأسام كثيرة. يسمى بعض

(ميمر) وآخر (موال) وثالث (عتابة)

<<  <  ج: ص:  >  >>