بعد ثماني عشرة سنة مضين على طفولية ليلى - سمير يحدث نفسه
أحببتها يوم مرت وهي سافرة ... إلي تختلس الأنظار في خجل
سمراء في مقلتيها السحر مستتر ... والسحر أن كان حقاً فهو في المقل
نعم أحببتها حباً جماً، وأحسب أنها تشعر نحوي بما أنا أشعر به نحوها من هوى. أليس الحب هو المغناطيس الذي يجذب القلب إلى القلب، كما أن المقت يدفعه عنه؟ وأي دليل على حبها أكبر من أنها كانت تختلس إلي الأنظار خفرة كلما مرت بي، أو مررت بها، وهي راجعة من تنزهها على شاطئ دجلة إلى دارها؟ سواء كنت وحدي أو في صحبة رفيقي في القلم (رجب)؟
أن الصدق الظن فأنا السعيد! اخبرني رجب أنها ابنة القائد العربي صادق بك، الذي قتل قبل عشر سنوات في حادثة بالناصرية، وأنها تحسن الموسيقى وتغني بالشعر، فإذا غنت أخذ ما تشدو به يحدث هزة في سامعيه كأنه تيار من الكهرباء، وأنها ليست بالغنية ولا الفقيرة. كما
أنا كذلك، وأن لها ولأمها راتباً قدره ثمانية جنيهات في الشهر وهما تعيشان مقتصدتين، فلا تقتير ولا إسراف، وقد تشربت المبادئ الحرة، ونزعت إلى السفور، في أدب ونزاهة وقد كانت الأولى في الصف المنتهي لمدرسة الإناث الثانوية عندما أحرزت الشهادة. وأي ضير على إذا راسلتها وبثثت لها غرامي وطلبت إليها مقابلة في الليلة القادمة على شاطئ دجلة تحت أضواء القمر في كتاب أحرره باسمها؟ ألم تعتد الجلوس على شاطئ دجلة في أصيل كل يوم؟ فإذا أجابت عليه، عرفت ما يحس به قلبها نحوي. أنا مثلها وحيد أمي وقد مات أبي سالم بك قبل خمس سنين بعد أكملت دروسي في المدرسة الملكية بالأستانة ورجعت إلى الأوطان.
المشهد الثالث
ليلى في غرفتها تحدث نفسها
لا تكذبني عيني فأن الإمضاء لسمير ذلك الشاب الجميل الذي يقف لي على الطريق كل يوم وأشاهده محدقاً إلي: وهو ذلك الشاعر الكبير الذي بعد صيته وذاع نبوغه وأسمع أن له في صحف مصر مقالات ملؤها الحماسة، والدفاع الحار