للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقيتني عن الحجون فنحت ... في طلاب الهوى لساناً (صناعا)

وقال أبو نؤاس في صفة كلب:

فري (الصناع) سابراً وقبطا

وفي تعليقاتي الخاصة بي شواهد عديدة لكلمة (صنع) (كسبب) وبيت الطرماح في (صنع) اليد (بكسر الأول) الذي أستشهد به ابن السكيت وذكره الزمخشري في أساسه هو أشهر من أن يذكر. ولقد وجدت صاحب القاموس كثير الزلق في ما يأتي به من الألفاظ ومعانيها وهو كثير الوهم في التدقيق، أما لسان العرب فأحسن منه ووجدت الجمهرة لأبن دريد تفوق صحة سائر كتب اللغة. فما هو رأيك؟

ف. كرنكو

جوابنا

ورود صناع وحدها للمذكر لم ينقل عن أحد. والذي ذكرناه نحن للمذكر هو (صناع اليد) بالإضافة ولا يفرد للمذكر؛ فإذا أفرد كان للمؤنث لا محالة وهذا ما صرح به اللغويون. (راجع التاج واللسان تر فيهما ما يكفيك) فلا نرى نفسنا مخطئين إذا تبعنا إثبات اللغويين.

وأما سائر ما ذهب إليه حضرة الناقد المحترم فهو مما يؤيد رأينا.

جئنا الآن إلى البيتين اللذين لأبي دهبل وأبي نؤاس فنقول: إن (اللسان) في بيت دهبل لم يعتبر مذكراً بل مؤنثاً لأنه مما يؤنث ويذكر وأن كان الغالب عليه التذكير، ولهذا قال: (لساناً صناعا). وأما الصناع في بيت أبي نؤاس فمؤنث لا شبهة فيه وعائد في معناه إلى المرأة فكأن أبا نؤاس يقول: أن الكلب الذي يتكلم عنه يفري صيده كما تفري (المرأة) الصناع الثوب السابري والقبطي.

إذن، إذا استعملت (صناع) وحدها دلت على المؤنث لا محالة. أما إذا أردت أن تستعملها للمذكر فيجب أن تضيفها إلى اليد فتقول: صناع اليد.

أما أن صاحب القاموس كثير الزلق فمما لا شبهة فيه فقد تصدى له جماعة من اللغويين وخطأه وبينوا معايبه لكن ذلك لا ينفي وجود محاسن في سفره الجليل فأنه يبقى حجة وأن أخطأ في بعض الأحيان. ومن ذا الذي لم يخطئ فلا صحاب اللسان والأساس والمصباح والصحاح أغلاط أيضاً ومع ذلك نعتبرهم حججاً في كثير من الألفاظ ولا سيما إذا أتفق

جميع اللغويين على تعيين ضبط الكلمة وتدقيق النظر في معانيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>